الْفُرْقَان} ١. وقال: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا﴾ ٢ والمراد بها التوراة التي نزلت من عند الله قبل التحريف والتبديل، أما التوراة المحرفة المبدلة، فهي بمعزل عن كونها كلها هداية، وكونها نورا، ولا سيما بعد نزول القرآن الكريم، الذي هو الشاهد والمهيمن على الكتب السماوية السابقة، فما وافقه فهو حق، وما خالفه فهو باطل.
ومن كتبهم أيضا: الزبور وهو كتاب داود عليه السلام، وأسفار الأنبياء، الذين جاءوا بعد موسى عليه وعليهم السلام، وتسمى التوراة وما اشتملت عليه من الأسفار الموسوية وغيرها "بالعهد القديم".
وكان لليهود بجانب التوراة المكتوبة التلمود، وهي التوراة الشفهية، وهو مجموعة قواعد ووصايا وشرائع دينية وأدبية، ومدنية وشروح، وتفاسير، وتعاليم، وروايات كانت تتناقل وتدرس شفهيا من حين إلى آخر... وقد اتسع نطاق الدرس والتعليم فيه إلى درجة عظيمة جدا، حتى صار من الصعب حفظه في الذاكرة، ولأجل دوام المطالعة، والمداولة، وحفظا للأقوال والنصوص، والآراء الأصلية المتعددة والترتيبات، والعادات الحديثة، وخوفا من نسيانها وفقدانها مع مرور الزمن، وخصوصا وقت الاضطهادات، والاضطرابات، قد دونها الحاخامون بالكتابة سياجا للتوراة، وقُبِلَت كسنة من سيدنا موسى عليه السلام٣.
ومن التوراة وشروحها، والأسفار وما اشتملت عليه، والتلمود وشروحة، والأساطير والخرافات، والأباطيل التي افتروها، أو تناقلوها عن غيرهم: كانت معارف اليهود وثقافتهم، وهذه كلها كانت المنابع الأصلية للإسرائيليات التي زخرت بها بعض كتب التفسير، والتاريخ والقصص والمواعظ، وهذه المنابع إن كان فيها حق، ففيها باطل كثير، وإن كان فيها صدق، ففيها كذب صراح، وإن كان فيها سمين، ففيها غث كثير، فمن ثم انجر ذلك إلى الإسرائيليات، وقد يتوسع بعض الباحثين في الإسرائيليات، فيجعلها شاملة لما

١ آل عمران: ١- ٤.
٢ المائدة: ٤٤.
٣ من التلمود: ص٧، ٨.


الصفحة التالية
Icon