يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ} ١.
روى مسلم وغيره عن عقبة بن عامر، قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول وهو على المنبر: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة؛ ألا وإن القوة الرمي؛ ألا وإن القوة الرمي؛ ألا وإن القوة الرمي".
وقد جاءت الكلمة القرآنية معجزة، فإن المراد بالقوة أسبابها، وهي كل ما يكون به القوة، ولما كانت أسباب القوة وهي أسلحة الحرب، وآلات القتال تختلف باختلاف العصور، جاءت الكلمة على هذه المرونة الفائقة، التي جعلتها صالحة لكل زمان ومكان.
وكذلك جاء المفسِّر معجزا كالمفسَّر "بفتح السين المشددة"، فهما من مشكاة واحدة، فالرمي: كلمة مرنة صالحة لتطور الأسلحة بتقدم الزمان، فإن كلمة الرمي: يدخل فيها الرمي بالقوس، والنبال، والرمي بالحراب، والرمي بالمجنيق، ويدخل فيها أيضا: كل ما استحدث فيما بعد، كالرمي بالمدفع، والقنابل الذرية، والهيدروجينية والصواريخ ونحوها، ومن ذلك تفسير الحساب اليسير: بالعرض، أخرج الشيخان وغيرهما، عن عائشة، قالت قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من نوقش الحساب عذب"، قلت: أليس يقول الله تعالى: ﴿فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا﴾ ٢ قال: "ليس ذاك الحساب؛ وإنما ذاك العرض"، وهذا لفظ مسلم.
والعَرْض "بفتح العين وسكون الراء" أي عرض أعمال المؤمن عليه، حتى يعرف منَّة الله تعالى عليه في سترها عن الناس في الدنيا، وفي عفوه عنها في الآخرة.
ومن ذلك تفسير الكوثر في قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾ أخرج أحمد ومسلم عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الكوثر: نهر أعطانيه ربي في الجنة" قال السيوطي: له طرق لا تحصى٣. وفي الصحيحين عن أنس قال: "لما عرج النبي ﷺ إلى السماء قال: "أتيت على نهر حافتاه قباب اللؤلؤ مجوفا، قلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا الكوثر".
٢ الانشقاق: ٨
٣ الإتقان في علوم القرآن جـ٢ ص ١٩١- ٢٠٤.