حكوا في كتبهم أقوالهم؛ لأن غالبها تلقوها عن الصحابة.
والتحقيق: أنهم إن أجمعوا على شيء فلا يرتاب في كونه حجة ويكون تلقوه عن الصحابة، أما إذا اختلفوا: فلا يكون قول بعضهم حجة على بعض، وعلى من بعدهم، وحينئذ للمفسر للقرآن أن يرجع إلى الطرق والوسائل، التى يستفاد منها التفسير الصحيح١.
وقد رويت عن التابعين في التفسير روايات كثيرة لا يحصيها العد، ولا سيما تلاميذ ابن عباس: مجاهد بن جبر، سعيد بن جبير، وعكرمة مولاه، وعطاء وغيرهم، وقد ذكر منها ابن جرير في تفسيره كثرة كاثرة، والسيوطي في "الدر المنثور"، والبغوي وابن كثير وغيرهم، وسنعرض إن شاء الله فيما يأتي لبيان القيمة العلمية لتفاسير التابعين.

١ مقدمة في أصول التفسير ص: ٥٠.

المفسرون من الصحابة
مدخل
...
المفسرون من الصحابة:
اشتهر بالتفسير من الصحابة عشرة: الخلفاء الأربعة، وابن مسعود، وأبي بن كعب، وابن عباس، وزيد بن ثابت، وأبو موسى الأشعري، وعبد الله بن الزبير رضي الله عنهم أجمعين؛ أما الخلفاء الأربعة فإن أكثر من روى عنه منهم في التفسير علي بن أبي طالب رضي الله عنه؛ لتخليه عن مهام الخلافة طيلة مدة الخلفاء الثلاثة، ولتأخر وفاته عنهم.
وأما الخلفاء الثلاثة الأول فالرواية عنهم في التفسير قليلة جدا١؛ وذلك بسبب تقدم وفاتهم ولانشغالهم بمهام الخلافة فالصديق: كان شاغله الأكبر القضاء على الفتنة، فلما قضى عليها شرع في نشر الإسلام في الشام والعراق، فلم يكن عنده متسع للرواية، وأما الفاروق عمر رضي الله عنه فكان شاغله الأكبر الفتوحات الإسلامية، واستكمال بناء الدولة، وإن كانت الرواية عنه أكثر من الرواية عن سلفه العظيم.
وذو النورين: عثمان رضي الله تعالى عنه شعل بإتمام الفتوحات، وبالفتنة الكبرى في عهده التي انتهت بقتله، وإن كانت الرواية عنه أكثر من الرواية عن الشيخين، فقد
١ قال السيوطي: لا أحفظ عن أبي بكر رضي الله عنه في التفسير إلا آثارا قليلة جدًّا.


الصفحة التالية
Icon