من صنع زنادقة اليهود والفرس، وأضرابهم، ونحو ذلك مما طبل له المستشرقون والمبشرون، وزمروا، وزادوا فيه، وأعادوا.
ومما يؤسف له غاية الأسف أن بعض المتعلمنين والمثقفين الذين تثقفوا بثقافة غير إسلامية، ولا سيما من صنعتهم أوروبا على عينيها، وربتهم على يديها، ويتسمون بأسماء المسلمين، قد تابعوا سادتهم المستشرقين فيما زعموا وصاروا أبواقا لهم، يرددون ما يقوله هؤلاء؛ لأنهم ينظرون إليهم على أنهم قمم في العلم والمعرفة، والشأن في المغلوب كما قال واضع أساس علم الاجتماع: العلامة ابن خلدون أن يقلد الغالب وتنماع شخصيته في شخصيته، وبذلك ساعدوا على نفث هذه السموم بين المتعلمين من شباب المسلمين!!
ولقد كان ضرر هؤلاء أشد من ضرر سادتهم المبشرين والمستشرقين؛ لأن القارئ المسلم حَذِر ولو بعض الحذر مما يقول هؤلاء أو لا يركن إليهم الركون كله، أما الكاتب المسلم: فالأمنة من جانبه أكثر، والاغترار بما يقوله أكبر.
وقد كانت المدة المحددة لهذا المؤلف ثلاثة أشهر، ولكني اشترطت ستة أشهر، وقبل الأمين العام للمجمع، ولكن ماذا تكفي ستة أشهر؟! وأنا أتولى عمادة كلية أصول الدين بجامعة الأزهر فرع أسيوط وإن شئت الحقيقة، فأنا أقوم بتأسيس فرع للجامعة بعاصمة الصعيد أسيوط.
وأقوم ببعض المحاضرات في الكلية وخارجها، وفي بعض الشهور كرمضان، والمحرم، وربيع الأول، قد تستوعب المحاضرات العامة الشهر كله، وهو جهد ينوء به الشاب، فضلا عن الشيخ المثقل بشتى المسئوليات والأعباء!! فلا عجب إذا كانت الأشهر الستة قد تضاعفت. ولما تولى فضيلة الأستاذ الدكتور الشيخ: محمد عبد الرحمن بيصار أمانة المجمع، بعد أن تولى سلفه الجليل وكالة الأزهر، كرر الرغبة في إنجاز هذا الكتاب النافع المفيد، لذلك لم يكن لي بد من أن أضاعف الجهد، وأتابع السهر، وأواصل البحث حتى أفرغ من هذا المؤلف الذي أعتقد أنه من أوجب الواجبات على علماء المسلمين، حتى أفي بما وعدت.
وهذا الموضوع١ ليس بالأمر الهين الذي يقوم به فرد واحد ولكنه يحتاج إلى جهود.