يقومون بقوله في الفقه، إلا ثلاثة: عبد الله بن مسعود، وزيد بن ثابت، وابن عباس، كان لكل رجل منهم أصحاب يقولون بقوله، ويفتون الناس".
وقد رويت عنه روايات كثيرة في التفسير، وقد عني بها أئمة الحديث ونقدوها، وبينوا الصحيح من الضعيف، والمقبول من المردود، وسيأتي تفصيل ذلك فيما بعد إن شاء الله تعالى.
وكانت وفاته سنة اثنتين وثلاثين، وقيل ثلاث وثلاثين فرضى الله عنه وأرضاه.
٣- أبي بن كعب:
هو: أبي بن كعب بن قيس، من بني النجار الأنصاري الخزرجي يكنى: أبا المنذر وأبا الطفيل، كان من السابقين إلى الإسلام، من الأنصار. شهد العقبة، وبدرا، وما بعدهما، وهو أحد المشهورين بحفظ القرآن من الصحابة، وبإقرائه، وقد سبق ذلك آنفا، وقد قال فيه عمر: "أبي أقرؤنا" رواه البخاري.
ومن فضائله: أن النبي ﷺ قرأ عليه القرآن، روى البخاري في صحيحه بسنده، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "قال النبي ﷺ لأبي: إن الله أمرني أن أقرأ عليك: ﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ ١ قال: وسماني؟ قال: "نعم"، فبكى"٢.
وإنما قرأ عليه النبي صلى الله عليه وسلم؛ ليزداد علما بالقراءة من النبي ﷺ ويزداد تثبتا فيها، وليكون عرض القرآن وأخذه عن شيخ مقرئ سنة متبعة، وللتنبيه على فضيلة أبي وتقدمه في حفظ القرآن، وليس المراد أن يتعلم منه النبي شيئا، أو يستذكره منه بهذا العرض، وقد روى عنه في التفسير نسخة كبيرة، يرويها أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عنه، وهذا إسناد صحيح، وقد أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم منها كثيرا، وكذا الحاكم في مستدركه، وأحمد في مسنده، وكانت وفاته سنة ثلاثين، فرضي الله عنه.
٢ صحيح البخاري، كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب أبي بن كعب؛ وإنما بكى لأن تسمية الله له تشريف عظيم فبكى؛ إما فرحا، وإما خشوعا وخوفا، ألا يقوم بشكر تلك النعمة.