وكان آصل هذه المدارس، وأعلمها بالتفسير، مدرسة مكة؛ لأن أستاذها وشيخها: ابن عباس حبر القرآن وترجمانه، قال الإمام ابن تيمية: "أعلم الناس بالتفسير أهل مكة؛ لأنهم أصحاب ابن عباس كمجاهد وعطاء بن أبي رباح، وعكرمة مولى ابن عباس وغيرهم من أصحاب ابن عباس كطاوس، وأبي الشعثاء، وسعيد بن جبير وأمثالهم، وكذلك أهل الكوفة من أصحاب ابن مسعود، ومن ذلك: ما تميزوا به على غيرهم، وعلماء أهل المدينة في التفسير مثل: زيد بن أسلم: الذي أخذ عنه مالك التفسير، وأخذه عنه أيضا ابنه عبد الرحمن، وعبد الله بن وهب"١.
وسأقتصر على ذكر المشاهير من مدارس مكة، والمدينة، والعراق، والشام، ومصر، واليمن مع التعريف بهم.
١ مقدمة في أصول التفسير ص ٢٣، ٢٤.
أ- مدرسة مكة:
١- مجاهد بن جبر المكي:
مولى السائب بن أبي السائب، وُلِدَ سنة إحدى وعشرين، وهو من المبرزين من تلاميذ ابن عباس، وأكثرهم ملازمة له، قال الفضل بن ميمون: سمعت مجاهدًا يقول: عرضت القرآن على ابن عباس ثلاثين عرضة، وعنه أيضا قال: عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات١، أقف عند كل آية منه وأسأله عنها: فيم نزلت؟ "وكيف كانت؟ "، وروى ابن جرير بسنده، عن ابن أبي مليكة، قال: "رأيت مجاهدًا سأل ابن عباس عن تفسير القرآن ومعه ألواحه، فيقول ابن عباس: اكتب، حتى سأله عن التفسير كله".
ولذا قال الإمام سفيان الثوري: "إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك"، وقال ابن تيمية: "ولذا يعتمد على تفسيره الشافعي، والبخاري وغيرهما من أهل العلم"٢.
١ ولا منافاة بين الروايتين؛ لأن الأولى عرض حفظ، والثانية عرض مع العلم بالتفسير.
٢ مقدمة في أصول التفسير ص ٧.
٢ مقدمة في أصول التفسير ص ٧.