قتادة فيه، وقال فيه إمام الفقهاء أبو حنيفة النعمان: "ما رأيت أفضل من عطاء بن أبي رباح"، وهو من أعلام المدرسة المكية في التفسير، وكانت وفاته سنة أربع عشرة ومائة.
٤ عكرمة مولى ابن عباس:
هو أبو عبد الله: عكرمة بن البربري، أحد الأئمة الأعلام، وقد أخذه ابن عباس بالتربية والتثقيف من صغره، وربما كان يقسو عليه في هذا، قال عكرمة: "كان ابن عباس يجعل في رجلي الكبل١، ويعلمني القرآن والسنن" وكان يقول: كل شيء أحدثكم في القرآن فهو عن ابن عباس"، وقال أيضا: "لقد فسرت ما بين اللوحين": يعني ما بين جلدتي المصحف، وقد اختلف العلماء فيه ما بين معدل له، ومجرح، والأكثرون على توثيقه وتعديله وبحسبه توثيقا رواية إمام الأئمة البخاري عنه في صحيحه٢، ومن أراد زيادة اليقين في هذا، فليرجع إلى ما كتبه الإمام الحافظ ابن حجر في مقدمة الفتح٣، وقد شهد له بعض كبار الأئمة.
قال الشعبي: ما بقي أحد أعلم بكتاب الله من عكرمة": وكانت وفاته سنة خمس ومائة.

١ الكبل: القيد.
٢ وأما مسلم فخرج له حديثا واحدًا في الحج، مقرونًا بسعيد بن جبير، وإنما تركه مسلم لكلام مالك فيه، مع أن مالكا روى له في الموطأ في الحج، وصرح باسمه، ومال إلى روايته عن ابن عباس وترك عطاء في تلك المسألة مع كونه أجل التابعين.
٣ مقدمة فتح الباري جـ ١ من ص ١٤٨-١٥٢.

ب- مدرسة المدينة:
كانت المدينة دار الإسلام، وقطب رحاه، في حياة النبي ﷺ بعد الهجرة، ثم صارت بعد وفاة النبي، مركز الخلافة الإسلامية الرشيدة، إلى ما يقرب من سنة أربعين من الهجرة، وبعد أن انتقلت الإمارة إلى بني أمية، ونقلوا عاصمة ملكهم إلى دمشق لم تزل للمدينة مكانتها، وبقيت مركزا من مراكز العلم الأصيلة، فقد بقي بها جمهور الصحابة، الذين عنهم أخذ التابعون، وأستاذ هذه المدرسة الأكبر هو أبي بن كعب، ومن أشهر علماء هذه المدرسة في التفسير:


الصفحة التالية
Icon