المدرسة منهم من كان ببغداد، ومنهم من كان بالكوفة، ومنهم من كان بالبصرة، وأستاذ هذه المدرسة الأكبر هو: عبد الله بن مسعود، ولما ولَّى سيدنا عمر عمار بن ياسر على الكوفة سير معه عبد الله بن مسعود معلما، ووزيرا، وقد شرب من علمه أهل العراق عللا بعد نهل١، وأصبحوا متأثرين بطريقته في الاجتهاد في الفقه، والأحكام، والتفسير، وهي حرية الرأي في الاجتهاد وحسن التصرف في النصوص، وعدم الجمود عليها.
وقد روي عن مسروق أنه قال: وجدت علم أصحاب النبي صلى الل عليه وسلم انتهى إلى ستة: عمر، وعلي، وأبي، وزيد، وأبي الدرداء، وعبد الله بن مسعود، ثم انتهى علم هؤلاء الستة إلى اثنين: علي، وعبد الله: يعني ابن مسعود، وفي رواية أخرى: ذكر أبا موسى بدل أبي الدرداء٢، ولكن الحروب لم تدع لأبي الحسن علي متسعا للرواية والزعامة العلمية بعد الخلافة، فمن ثم صارت الزعامة لابن مسعود، ومن أشهر طلاب هذه المدرسة:
١- مسروق بن الأجدع:
هو: أبو عائشة: مسروق بن الأجدع بن مالك بن أمية، الهمداني الكوفي، العابد، العالم، العامل، روى عن الخلفاء الأربعة، وابن مسعود، وأبي بن كعب وغيرهم.
وكان أعلم أصحاب ابن مسعود، وأكثرهم أخذا عنه، قال علي ابن المديني: ما أُقَدِّم على مسروق أحدًا من أصحاب عبد الله -يعني ابن مسعود، وقال الشعبي: ما رأيت أطلب للعلم منه، وقد قال فيه ابن معين: ثقة، لا يُسأل عن مثله، وقد أخرج له أصحاب الكتب الستة في كتبهم وقد ورد عنه في التفسير رويات كثيرة، استفادها من شيخه ابن مسعود؛ فقد روى عنه أنه قال: كان عبد الله -يعني ابن مسعود- يقرأ علينا السورة، ثم يحدثنا فيها، ويفسرها عامة النهار، وتوفي سنة ثلاث وستين من الهجرة على الأصح.
٢ علوم الحديث لابن الصلاح ص ٢٦٢، ٢٦٣.