إن امرأة من الأنصار قالت يا رسول الله إني أكون في بيتي على الحالة التي لا أحب أن يراني عليها أحد ولد ولا والد فيأتيني الأب فيدخل علي فكيف أصنع؟ فنزلت " يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً.... "
(( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكي لهم إن الله خبير بما يصنعون ))
لما ذكر سبحانه حكم الاستئذان اتبعه بذكر النظر على العموم، فيندرج تحته غض البصر من المستأذن كما قال صلي الله عليه وسلم " إنما جعل الأذن من أجل النظير "
- لماذا خص المؤمنين بغض البصر ؟
حض المؤمنين مع تحريمه على غيرهم لكون قطع ذرائع الزنا التي منها النظر هم أحق من غيرهم وأولى بذلك ممن سواهم. وقيل إن في الآية دليلاً علي أن الكفار غير مخاطبين بفروع الشريعة كما يقول بعض أهل العلم.
وفى الكلام حذف والتقدير ( قل للمؤمنين ) غضوا ( يغضوا ). ومعنى غض البصر : إطباق الجفن علي العين بحيث تمتنع الرؤية،
ومنه قول جرير :
فغض الطرف إنك من نمير فلا كعباً بلغت ولا كلاباً
وقول عنترة :
وأغض طرفي ما بدت لي جارتي حتى توارى جارتي مأواها
- ( من أبصارهم ) ماذا أفادت (من ) في الآية ؟
للتبعيض وإليه ذهب الأكثر ون، وبينوه بأن المعنى غض البصر عما يحرم والاقتصار به على ما يحل.
وقيل وجه التبعيض أن يعفى للناظر أول نظرة تقع من غير قص وقيل الغض النقصان ومنه قوله تعالي( وغيض الماء ).
وفي الآية دليل علي تحريم النظر إلي غير من يحل النظر إليه.
ويحفظوا فروجهم : أي عما حرم الله، وقيل المراد ستر فروجهم عن أن يراها من لا تحل له رؤيتها، ولا مانع من إرادة المعنيين فالكل يدخل تحت حفظ الفرج.
- لم جاءت ( من ) في الأبصار دون الفروج ؟؟
لأن الأمر موسع في النظر ولا يحرم منه إلا ما استثنى بخلاف حفظ الفروج فإنه ممكن علي الإطلاق.
ذلك إشارة إلي ما ذكر من الغض والحفظ.
أزكي لهم : اطهر من دنس الريبة وأطيب من التلبس بهذه الدنيئة.