أَفَتَرَى الزَّاعِمُ أَنَّ تَأْوِيلَ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ إِنَّمَا هُوَ أَنَّهُ نَزَلَ عَلَى الأَوْجُهِ السَّبْعَةِ الَّتِي ذَكَرْنَا مِنَ الأَمْرِ، وَالنَّهْيِ، وَالْوَعْدِ، وَالْوَعِيدِ، وَالْجَدَلِ، وَالْقَصَصِ، وَالْمَثَلِ، كَانَ يَرَى أَنَّ مُجَاهِدًا وَسَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، لَمْ يَقْرَأَا مِنَ الْقُرْآنِ، إِلاَّ مَا كَانَ مِنْ وَجْهَيْهِ، أَوْ وُجُوهِهِ الْخَمْسَةِ، دُونَ سَائِرِ مَعَانِيهِ ؟ لَئِنْ كَانَ ظَنَّ ذَلِكَ بِهِمَا لَقَدْ ظَنَّ بِهِمَا غَيْرَ الَّذِي يُعْرَفَانِ بِهِ، مِنْ مَنَازِلِهِمَا مِنَ الْقُرْآنِ، وَمَعْرِفَتِهِمَا بِآيِ الْفُرْقَانِ.
٥٥- وَحَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ : نُبِّئْتُ أَنَّ جَبْرَائِيلَ، وَمِيكَائِيلَ، أَتَيَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ جَبْرَائِيلُ : اقْرَأِ الْقُرْآنَ عَلَى حَرْفَيْنِ. فَقَالَ لَهُ مِيكَائِيلُ : اسْتَزِدْهُ فَقَالَ : اقْرَأِ الْقُرْآنَ عَلَى ثَلاَثَةِ أَحْرُفٍ. فَقَالَ لَهُ مِيكَائِيلُ : اسْتَزِدْهُ. قَالَ : حَتَّى بَلَغَ سَبْعَةَ أَحْرُفٍ قَالَ مُحَمَّدٌ : لاَ تَخْتَلِفُ فِي حَلاَلٍ، وَلاَ حَرَامٍ، وَلاَ أَمْرٍ، وَلاَ نَهَيٍ، هُوَ كَقَوْلِكَ : تَعَالَ وَهَلُمَّ وَأَقْبِلْ. قَالَ : وَفِي قِرَاءَتِنَا :﴿إِنْ كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً﴾، وَفِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ : إِنْ كَانَتْ إِلاَّ زَقْيَةً وَاحِدَةً.
٥٦- وَحَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ، يَعْنِي ابْنَ الْحَبْحَابِ، قَالَ : كَانَ أَبُو الْعَالِيَةِ إِذَا قَرَأَ عِنْدَهُ رَجُلٌ، لَمْ يَقُلْ : لَيْسَ كَمَا يَقْرَأُ وَإِنَّمَا يَقُولُ : أَمَّا أَنَا فَأَقْرَأُ كَذَا وَكَذَا. قَالَ : فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، فَقَالَ : أَرَى صَاحِبَكَ قَدْ سَمِعَ أَنَّ مَنْ كَفَرَ بِحَرْفٍ مِنْهُ، فَقَدْ كَفَرَ بِهِ كُلِّهِ.


الصفحة التالية
Icon