كَمَا كَانَ يَقُولُهُ بَعْضُ مَنْ لَمْ يُنْعِم النَّظَرَ فِي ذَلِكَ، فَيَصِيرُ بِذَلِكَ إِلَى الْقَوْلِ بِمَا لاَ يَجْهَلُ فَسَادَهُ ذُو عَقْلٍ، وَلاَ يَلْتَبِسُ خَطَؤُهُ عَلَى ذِي لُبٍّ، وَذَلِكَ أَنَّ الأَخْبَارَ الَّتِي بِهَا احْتَجَجْتَ لِتَصْحِيحِ مَقَالَتِكَ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ هِيَ الأَخْبَارُ الَّتِي رَوَيْتَهَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، وَعَمَّنْ رَوَيْتَ ذَلِكَ عَنْهُ، مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِأَنَّهُمْ تَمَارَوْا فِي تِلاَوَةِ بَعْضِ الْقُرْآنِ، فَاخْتَلَفُوا فِي قِرَاءَتِهِ دُونَ تَأْوِيلِهِ، وَأَنْكَرَ بَعْضٌ قِرَاءَةَ بَعْضٍ، مَعَ دَعْوَى كُلِّ قَارِئٍ مِنْهُمْ قِرَاءَةً مِنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَقْرَأَهُ مَا قَرَأَ بِالصِّفَةِ الَّتِي قَرَأَ، ثُمَّ احْتَكَمُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَ مِنْ حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمْ، أَنْ صَوَّبَ قِرَاءَةَ كُلِّ قَارِئٍ مِنْهُمْ، عَلَى خِلاَفِهَا قِرَاءَةَ أَصْحَابِهِ الَّذِينَ نَازَعُوهُ فِيهَا، وَأَمَرَ كُلَّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يَقْرَأَ كَمَا عُلِّمَ، حَتَّى خَالَطَ قَلْبَ بَعْضِهِمُ الشَّكُّ فِي الإِسْلاَمِ، لِمَا رَأَى مِنْ تَصْوِيبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِرَاءَةَ كُلِّ قَارِئٍ مِنْهُمْ عَلَى اخْتِلاَفِهَا، ثُمَّ جَلاَهُ اللَّهُ عَنْهُ، بِبَيَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ، أَنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ.
فَإِنْ كَانَتِ الأَحْرُفُ السَّبْعَةُ الَّتِي نَزَلَ بِهَا الْقُرْآنُ عِنْدَكَ كَمَا قَالَ هَذَا الْقَائِلُ مُتَفَرِّقَةً فِي الْقُرْآنِ، مُثْبَتَةً الْيَوْمَ فِي مَصَاحِفِ أَهْلِ الإِسْلاَمِ فَقَدْ بَطَلَتْ مَعَانِي الأَخْبَارِ الَّتِي رَوَيْتَهَا عَمَّنْ رَوَيْتَ عَنْهُ، مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي قِرَاءَةِ سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ، فَاخْتَصَمُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، @


الصفحة التالية
Icon