فَقَالَ عُثْمَانُ : وَمَا ذَاكَ ؟ قَالَ : غَزَوْتُ مَرْجَ أَرْمِينِيَةَ، فَحَضَرَهَا أَهْلُ الْعِرَاقِ وَأَهْلُ الشَّامِ، فَإِذَا أَهْلُ الشَّامِ يَقْرَءُونَ بِقِرَاءَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، فَيَأْتُونَ بِمَا لَمْ يَسْمَعْ أَهْلُ الْعِرَاقِ، فَتُكَفِّرُهُمْ أَهْلُ الْعِرَاقِ. وَإِذَا أَهْلُ الْعِرَاقِ يَقْرَءُونَ بِقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَيَأْتُونَ بِمَا لَمْ يَسْمَعْ أَهْلُ الشَّامِ، فَتُكَفِّرُهُمْ أَهْلُ الشَّامِ قَالَ زَيْدٌ : فَأَمَرَنِي عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ أَكْتُبُ لَهُ مُصْحَفًا، وَقَالَ : إِنِّي مُدْخِلٌ مَعَكَ رَجُلاً لَبِيبًا فَصِيحًا، فَمَا اجْتَمَعْتُمَا عَلَيْهِ فَاكْتُبَاهُ، وَمَا اخْتَلَفْتُمَا فِيهِ فَارْفَعَا إِلَيَّ. فَجَعَلَ أَبَانَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ قَالَ : فَلَمَّا بَلَغَا ﴿إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ﴾ قَالَ زَيْدٌ، فَقُلْتُ : التَّابُوهُ. وَقَالَ أَبَانُ بْنُ سَعِيدٍ : التَّابُوتُ، فَرَفَعْنَا ذَلِكَ إِلَى عُثْمَانَ، فَكَتَبَ التَّابُوتُ قَالَ : فَلَمَّا فَرَغْتُ، عَرَضْتُهُ معه عُرْضَةً، فَلَمْ أَجِدُ فِيهِ هَذِهِ الآيَةَ ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ﴾ إِلَى قَوْلِهِ ﴿وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً﴾ قَالَ : فَاسْتَعْرَضْتُ الْمُهَاجِرِينَ أَسْأَلُهُمْ عَنْهَا، فَلَمْ أَجِدْهَا عِنْدَ أَحَدٍ مِنْهُمْ. ثُمَّ اسْتَعْرَضْتُ الأَنْصَارَ أَسْأَلُهُمْ عَنْهَا، فَلَمْ أَجِدْهَا عِنْدَ أَحَدٍ مِنْهُمْ، حَتَّى وَجَدْتُهَا عِنْدَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ فَكَتَبْتُهَا، ثُمَّ عَرَضْتُهُ عُرْضَةً أُخْرَى، فَلَمْ أَجِدْ فِيهِ هَاتَيْنِ الآيَتَيْنِ ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ﴾ إِلَى آخِرِ السُّورَةِ، فَاسْتَعْرَضْتُ الْمُهَاجِرِينَ فَلَمْ أَجِدْهَا عِنْدَ أَحَدٍ مِنْهُمْ، ثُمَّ اسْتَعْرَضْتُ الأَنْصَارَ أَسْأَلُهُمْ عَنْهَا، فَلَمْ أَجِدْهَا عِنْدَ أَحَدٍ مِنْهُمْ، حَتَّى وَجَدْتُهَا مَعَ رَجُلٍ آخَرَ، يُدْعَى خُزَيْمَةُ أَيْضًا، فَأَثْبَتُّهَا فِي آخِرِ بَرَاءَةَ، وَلَوْ تَمَّتْ ثَلاَثَ آيَاتٍ، لَجَعَلْتُهَا سُورَةً عَلَى حِدَةٍ، @


الصفحة التالية
Icon