وَعَلَى مَا خَصَّهُ بِهِ مِنَ الْكَرَامَةِ عَلاَمَةً وَاضِحَةً، وَحُجَّةً بَالِغَةً، أَبَانَهُ بِهِ مِنْ كُلِّ كَاذِبٍ وَمُفْتَرٍ، وَفَصَلَ بِهِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ كُلِّ جَاحِدٍ وَمُلْحِدٍ، وَفَرَّقَ بِهِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ كُلِّ كَافِرٍ وَمُشْرِكٍ، الَّذِي لَوِ اجْتَمَعَ جَمِيعُ مَنْ بَيْنَ أَقْطَارِهَا، مِنْ جِنِّهَا وَإِنْسِهَا، وَصَغِيرِهَا وَكَبِيرِهَا، عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ، لَمْ يَأْتُوا بِمِثْلِهِ، وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا. فَجَعَلَهُ لَهُمْ فِي دُجَى الظُّلَمِ نُورًا سَاطِعًا، وَفِي سَدَفِ الشُّبَهِ شِهَابًا لاَمِعًا، وَفِي مَضَلَّةِ الْمَسَالِكِ دَلِيلاً هَادِيًا، وَإِلَى سُبُلِ النَّجَاةِ وَالْحَقِّ حَادِيًا، ﴿يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾. حَرَسَهُ بِعَيْنٍ مِنْهُ لاَ تَنَامُ، وَحَاطَهُ بِرُكْنٍ مِنْهُ لاَ يُضَامُ، لاَ تَهِي عَلَى الأَيَّامِ دَعَائِمُهُ، وَلاَ تَبِيدُ عَلَى طُولِ الأَزْمَانِ مَعَالِمُهُ، وَلاَ يَجُورُ عَنْ قَصْدِ الْمَحَجَّةِ تَابِعُهُ، وَلاَ يَضِلُّ عَنْ سُبُلِ الْهُدَى مُصَاحِبُهُ. مَنِ اتَّبَعَهُ فَازَ وَهَدَى، وَمَنْ حَادَ عَنْهُ ضَلَّ وَغَوَى. فَهُوَ مَوْئِلُهُمُ الَّذِي إِلَيْهِ عِنْدَ الاِخْتِلاَفِ يَئِلُونَ، وَمَعْقِلُهُمُ الَّذِي إِلَيْهِ فِي النَّوَازِلِ يَعْتَقِلُونَ، وَحِصْنُهُمُ الَّذِي بِهِ مِنْ وَسَاوِسِ الشَّيْطَانِ يَتَحَصَّنُونَ، وَحِكْمَةُ رَبِّهِمْ الَّتِي إِلَيْهَا يَحْتَكِمُونَ، وَفَصْلُ قَضَائِهِ بَيْنَهُمُ الَّذِي إِلَيْهِ يَنْتَهُونَ، وَعَنِ الرِّضَا بِهِ يَصْدُرُونَ، وَحَبْلُهُ الَّذِي بِالتَّمَسُّكِ بِهِ مِنَ الْهَلَكَةِ يَعْتَصِمُونَ.
اللَّهُمَّ فَوَفِّقْنَا لِإِصَابَةِ صَوَابِ الْقَوْلِ فِي مُحْكَمِهِ وَمُتَشَابِهِهِ، وَحَلاَلِهِ وَحَرَامِهِ، @