وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَإِنَّ لِكُلِّ حَرْفٍ مِنْهَا ظَهْرًا وبَطْنًا فَظَهْرُهُ الظَّاهِرُ فِي التِّلاَوَةِ، وَبَطْنُهُ مَا بَطَنَ مِنْ تَأْوِيلِهِ.
وَقَوْلُهُ : وَإِنَّ لِكُلِّ حَدٍّ مِنْ ذَلِكَ مُطَّلَعًا فَإِنَّهُ يَعْنِي أَنَّ لِكُلِّ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ الَّتِي حَدَّهَا فِيهِ، مِنْ حَلاَلٍ وَحَرَامٍ وَسَائِرِ شَرَائِعِهِ، مِقْدَارًا مِنْ ثَوَابِ اللَّهِ وَعِقَابِهِ، يُعَايُنُهُ فِي الآخِرَةِ، وَيَطَّلِعُ عَلَيْهِ، وَيُلاَقِيهِ فِي الْقِيَامَةِ. كَمَا قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : لَوْ أَنَّ لِيَ مَا فِي الأَرْضِ مِنْ صَفْرَاءَ وَبَيْضَاءَ لاَفْتَدَيْتُ بِهِ مِنْ هَوْلِ الْمَطْلَعِ يَعْنِي بِذَلِكَ مَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ وَيَهْجُمُ عَلَيْهِ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ.
الْقَوْلُ فِي الْوُجُوهِ الَّتِي مِنْ قِبَلِهَا يُوصَلُ إِلَى مَعْرِفَةِ تَأْوِيلِ الْقُرْآنِ
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : قَدْ قُلْنَا فِي الدَّلاَلَةِ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ كُلَّهُ عَرَبِيٌّ، وَأَنَّهُ نَزَلَ بِأَلْسُنِ بَعْضِ الْعَرَبِ، دُونَ أَلْسُنِ جَمِيعِهَا، وَأَنَّ قِرَاءَةَ الْمُسْلِمِينَ الْيَوْمَ وَمَصَاحِفَهُمُ الَّتِي هِيَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، بِبَعْضِ الأَلْسُنِ الَّتِي نَزَلَ بِهَا الْقُرْآنُ دُونَ جَمِيعِهَا، وَقُلْنَا فِي الْبَيَانِ عَمَّا يَحْوِيهِ الْقُرْآنُ مِنَ النُّورِ وَالْبُرْهَانِ وَالْحِكْمَةِ وَالتْبَيَانِ، الَّتِي أَوْدَعَهَا اللَّهُ إِيَّاهُ، مِنْ أَمْرِهِ، وَنَهْيِهِ، وَحَلاَلِهِ، وَحَرَامِهِ، وَوَعْدِهِ، وَوَعِيدِهِ، وَمُحْكَمِهِ، وَمُتَشَابِهِهِ، وَلَطَائِفِ حِكَمِهِ، مَا فِيهِ الْكِفَايَةُ لِمَنْ وُفِّقَ لِفَهْمِهِ.
وَنَحْنُ قَائِلُونَ فِي الْبَيَانِ عَنْ وجُوهِ مَطَالِبِ تَأْوِيلِهِ :
قَالَ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾.


الصفحة التالية
Icon