وَإِذَا صَحَّ أَنَّ حُكْمَ كُلِّ آيَةٍ مِنْ آيِ الْقُرْآنِ، كَانَ لاَزِمًا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اتِّبَاعُهُ وَالْعَمَلُ بِهِ، مُؤَلَّفَةٌ كَانَتْ إِلَى غَيْرِهَا، أَوْ غَيْرُ مُؤَلَّفَةٍ، صَحَّ مَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ ﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾ أَنَّهُ مَعْنِي بِهِ : فَإِذَا بَيَّنَّاهُ لَكَ بِقِرَاءَتِنَا، فَاتَّبِعْ مَا بَيَّنَّاهُ لَكَ بِقِرَاءَتِنَا، دُونَ قَوْلِ مَنْ قَالَ : مَعْنَاهُ فَإِذَا أَلَّفْنَاهُ فَاتَّبِعْ مَا أَلَّفْنَاهُ.
وَقَدْ قِيلَ، إِنَّ قَوْلَ الشَّاعِرِ :.

ضَحَّوْا بِأَشْمَطَ عُنْوَانُ السُّجُودِ بِهِ يُقَطِّعُ اللَّيْلَ تَسْبِيحًا وقُرْآنَا
يَعْنِي بِهِ قَائِلُهُ : تَسْبِيحًا وَقِرَاءَةً.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُسَمَّى قُرْآنًا بِمَعْنَى الْقِرَاءَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ مَقْرُوءٌ ؟
قِيلَ كَمَا جَازَ أَنْ يُسَمَّى الْمَكْتُوبُ كِتَابًا، بِمَعْنَى كِتَابُ الْكَاتِبِ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ، فِي صِفَةِ كِتَابِ طَلاَقٍ، كَتَبَهُ لاِمْرَأَتِهِ :.
تُؤَمِّلُ رَجْعَةً مِنِّي وَفِيهَا كِتَابٌ مِثْلُ مَا لَصِقَ الْغِرَاءُ
يُرِيدُ : طَلاَقًا مَكْتُوبًا، فَجَعَلَ الْمَكْتُوبَ كِتَابًا.
وَأَمَّا تَأْوِيلُ اسْمِهِ، الَّذِي هُوَ فُرْقَانٌ، فَإِنَّ تَفْسِيرَ أَهْلِ التَّفْسِيرِ جَاءَ فِي ذَلِكَ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ، هِيَ فِي الْمَعَانِي مُؤْتَلِفَةٌ.


الصفحة التالية
Icon