الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا﴾.
يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ :﴿فَوَسْوَسَ لَهُمَا﴾ : فَوَسْوَسَ إِلَيْهِمَا، وَتِلْكَ الْوَسْوَسَةُ كَانَتْ قَوْلَهُ لَهُمَا :﴿مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ﴾، وَإِقْسَامَهُ لَهُمَا عَلَى ذَلِكَ.
وَقِيلَ : وَسْوَسَ لَهُمَا، وَالْمَعْنَى مَا ذَكَرْتُ، كَمَا قِيلَ : غَرِضْتُ لَهُ، بِمَعْنَى : اشْتَقْتُ إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَعْنِي : غَرِضْتُ مِنْ هَؤُلاَءِ إِلَيْهِ، فَكَذَلِكَ مَعْنَى ذَلِكَ : فَوَسْوَسَ مِنْ نَفْسِهِ إِلَيْهِمَا الشَّيْطَانُ بِالْكَذِبِ مِنَ الْقِيلِ ﴿لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا﴾، كَمَا قَالَ رُؤْبَةُ :
وَسْوَسَ يَدْعُو مُخْلِصًا رَبَّ الْفَلَقْ
وَمَعْنَى الْكَلاَمِ : فَجَذَبَ إِبْلِيسُ إِلَى آدَمَ حَوَّاءَ، وَأَلْقَى إِلَيْهِمَا : مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ أَكْلِ ثَمَرِ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ، أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وَارَاهُ اللَّهُ عَنْهُمَا مِنْ عَوْرَاتِهِمَا. فَغَطَّاهُ بِسِتْرِهِ الَّذِي سَتَرَهُ عَلَيْهِمَا.