وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَخْبَرَ آدَمَ وَحَوَّاءَ وَإِبْلِيسَ وَالْحَيَّةَ إِذْ أُهْبِطُوا إِلَى الأَرْضِ، أَنَّهُمْ عَدُوٌّ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، وَأَنَّ لَهُمْ فِيهَا مُسْتَقَرًّا يَسْتَقِرُّونَ فِيهِ، وَلَمْ يُخَصِّصْهَا بِأَنَّ لَهُمْ فِيهَا مُسْتَقَرًّا فِي حَالِ حَيَاتِهِمْ دُونَ حَالِ مَوْتِهِمْ، بَلْ عَمَّ الْخَبَرَ عَنْهَا بِأَنَّ لَهُمْ فِيهَا مُسْتَقَرًّا، فَذَلِكَ عَلَى عُمُومِهِ كَمَا عَمَّ خَبَرُ اللَّهِ، وَلَهُمْ فِيهَا مُسْتَقَرٌّ فِي حَيَاتِهِمْ عَلَى ظَهْرِهَا وَبَعْدَ وَفَاتِهِمْ فِي بَطْنِهَا، كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ :﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتًا﴾، ﴿أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا﴾.
وَأَمَّا قَوْلُهُ :﴿وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ﴾، فَإِنَّهُ يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَلَكُمْ فِيهَا مَتَاعٌ تَسْتَمْتِعُونَ بِهِ إِلَى انْقِطَاعِ الدُّنْيَا، وَذَلِكَ هُوَ الْحِينُ الَّذِي ذَكَرَهُ.
١٤٤٧٧- كَمَا حُدِّثْتُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى، قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ :﴿وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ﴾ قَالَ : إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَإِلَى انْقِطَاعِ الدُّنْيَا.
وَالْحِينُ نَفْسُهُ الْوَقْتُ، غَيْرَ أَنَّهُ مَجْهُولُ الْقَدْرِ، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الشَّاعِرِ :

وَمَا مِرَاحُكَ بَعْدَ الْحِلْمِ وَالدِّينِ وَقَدْ عَلاَكَ مَشِيبٌ حِينَ لاَ حِينِ
أَيْ وَقْتَ لاَ وَقْتَ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ﴾.
يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : قَالَ اللَّهُ لِلَّذِينَ أَهْبَطَهُمْ مِنْ سَمَوَاتِهِ إِلَى أَرْضِهِ :﴿فِيهَا تَحْيَوْنَ﴾ يَقُولُ : فِي الأَرْضِ تَحْيَوْنَ، يَقُولُ : تَكُونُونَ فِيهَا أَيَّامَ حَيَاتِكُمْ، ﴿وَفِيهَا تَمُوتُونَ﴾، يَقُولُ : فِي الأَرْضِ تَكُونُ وَفَاتُكُمْ، ﴿وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ﴾ يَقُولُ : وَمِنَ الأَرْضِ يُخْرِجُكُمْ رَبُّكُمْ، وَيَحْشُرُكُمْ إِلَيْهِ لَبَعْثِ الْقِيَامَةِ أَحْيَاءً.


الصفحة التالية
Icon