فَكَانَ مَنْ فَارَقَ دِينَهُ الَّذِي بُعِثَ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مُشْرِكٍ وَوَثَنِيٍّ وَيَهُودِيٍّ وَنَصْرَانِيٍّ وَمُتَحَنِّفٍ مُبْتَدَعٍ قَدِ ابْتَدَعَ فِي الدِّينِ مَا ضَلَّ بِهِ عَنِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ وَالدِّينِ الْقَيِّمِ، مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ الْمُسْلِمِ، فَهُوَ بَرِيءٌ مِنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمُحَمَّدٌ مِنْهُ بَرِيءٌ، وَهُوَ دَاخِلٌ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ :﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ﴾.
وَأَمَّا قَوْلُهُ :﴿لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ﴾، فَإِنَّ أَهْلَ التَّأْوِيلِ اخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ بِالأَمْرِ بِتَرْكِ قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ قَبْلَ وُجُوبِ فَرْضِ قِتَالِهِمْ، ثُمَّ نَسَخَهَا الأَمْرُ بِقِتَالِهِمْ فِي سُورَةِ بَرَاءَةَ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ :﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
١٤٣٢٦- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ : قَوْلُهُ :﴿لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ﴾ : لَمْ يُؤْمَرْ بِقِتَالِهِمْ، ثُمَّ نُسِخَتْ، فَأُمِرَ بِقِتَالِهِمْ فِي سُورَةِ بَرَاءَةَ.
وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ نَزَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِعْلاَمًا مِنَ اللَّهِ لَهُ أَنَّ مِنَ أُمَّتِهِ مَنْ يُحْدِثُ بَعْدَهُ فِي دِينِهِ، وَلَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ، لِأَنَّهَا خَبَرٌ لاَ أَمْرٌ، وَالنَّسْخُ إِنَّمَا يَكُونُ فِي الأَمْرِ وَالنَّهْيِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
١٤٣٢٧- حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الأَقْمَرِ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، أَنَّهُ تَلاَ هَذِهِ الآيَةَ :﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ﴾، ثُمَّ يَقُولُ : بَرِيءٌ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ.


الصفحة التالية
Icon