وَعَنَى بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ :﴿دَعْوَاهُمْ﴾ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ : دُعَاءَهُمْ.
وَلِلدَّعْوَى فِي كَلاَمِ الْعَرَبِ وَجْهَانِ : أَحَدُهُمَا الدُّعَاءُ، وَالآخَرُ الاِدِّعَاءُ لِلْحَقِّ. وَمِنَ الدَّعْوَى الَّتِي مَعْنَاهَا الدُّعَاءُ قَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى :﴿فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ﴾، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ :

وَإِنْ مَذِلَتْ رِجْلِي دَعَوْتُكِ أَشْتَفِي بِدَعْوَاكِ مِنْ مَذْلٍ بِهَا فَيَهُونُ
وَقَدْ بَيَّنَّا فِيمَا مَضَى قَبْلُ أَنَّ الْبَأْسَ وَالْبَأْسَاءَ : الشِّدَّةُ، بِشَوَاهِدِ ذَلِكَ الدَّالَّةِ عَلَى صِحَّتِهِ، بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ.
وَفِي هَذِهِ الآيَةِ الدَّلاَلَةُ الْوَاضِحَةُ عَلَى صِحَّةِ مَا جَاءَتْ بِهِ الرِّوَايَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ : مَا هَلَكَ قَوْمٌ حَتَّى يُعْذِرُوا مِنْ أَنْفُسِهِمْ.
وَقَدْ تَأَوَّلَ ذَلِكَ كَذَلِكَ بَعْضُهُمْ.
١٤٣٨٢- حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ : حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ الزَّرَّادِ، قَالَ : قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا هَلَكَ قَوْمٌ حَتَّى يُعْذِرُوا مِنْ أَنْفُسِهِمْ، قَالَ : قُلْتُ لِعَبْدِ الْمَلِكِ : كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ ؟ قَالَ : فَقَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ :﴿فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا﴾ الآيَةَ.


الصفحة التالية
Icon