وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا رُوِيَ فِي مَعْنَى ذَلِكَ مِنَ الْخَبَرِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، فَكَرِهْنَا إِعَادَتَهُ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ :﴿فَلَنَقُصَنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ﴾ أَنَّهُ يَنْطِقُ لَهُمْ كِتَابُ عَمَلِهِمْ عَلَيْهِمْ بِأَعْمَالِهِمْ.
وَهَذَا قَوْلٌ غَيْرُ بَعِيدٍ مِنَ الْحَقِّ، غَيْرَ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنَ الْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ، فَيَقُولُ لَهُ : أَتَذْكُرُ يَوْمَ فَعَلْتَ كَذَا وَفَعَلْتَ كَذَا ؟ حَتَّى يُذَكِّرَهُ مَا فَعَلَ فِي الدُّنْيَا. وَالتَّسْلِيمُ لِخَبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى مِنَ التَّسْلِيمِ لِغَيْرِهِ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾.
الْوَزْنُ : مَصْدَرٌ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ : وَزَنْتُ كَذَا وَكَذَا، أَزِنُهُ وَزْنًا وَزِنَةً، مِثْلُ : وَعَدْتُهُ أَعِدُهُ وَعْدًا وَعِدَةً.
وَهُوَ مَرْفُوعٌ بِالْحَقِّ، وَالْحَقُّ بِهِ.
وَمَعْنَى الْكَلاَمِ : وَالْوَزْنُ يَوْمَ نَسْأَلُ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَالْمُرْسَلِينَ، الْحَقُّ.
وَيَعْنِي بِـ﴿الْحَقِّ﴾ : الْعَدْلَ. وَكَانَ مُجَاهِدٌ يَقُولُ : الْوَزْنُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ : الْقَضَاءُ.