وَإِنْ كَانَ الْفَصِيحُ مِنْ كَلاَمِهَا تَرْكُ الْهَمْزِ فِيهَا، إِذَا جَاءَتْ عَلَى مَفَاعِلَ تَشْبِيهًا مِنْهُمْ جَمْعَهَا بِجَمْعِ فَعِيلَةٍ، كَمَا تُشَبِّهُ مَفْعَلاً بِفَعِيلٍ، فَتَقُولُ : مَسِيلُ الْمَاءِ، مِنْ سَالَ يَسِيلُ، ثُمَّ تَجْمَعُهَا جَمْعَ (فَعِيلٍ)، فَتَقُولُ هِيَ أَمْسِلَةٌ فِي الْجَمْعِ تَشْبِيهًا مِنْهُمْ لَهَا بِجَمْعِ بَعِيرٍ وَهُوَ فَعِيلٌ، إِذْ تَجْمَعُهُ أَبْعِرَةً، وَكَذَلِكَ يُجْمَعُ الْمَصِيرُ وَهُوَ مَفْعِلٌ مُصْرَانٌ، تَشْبِيهًا لَهُ بِجَمْعِ بَعِيرٍ وَهُوَ فَعِيلٌ، إِذْ تَجْمَعُهُ بُعْرَانٌ، وَعَلَى هَذَا هَمَزَ الأَعْرَجُ :(مَعَائِشَ)، وَذَلِكَ لَيْسَ بِالْفَصِيحِ فِي كَلاَمِهَا. وَأَوْلَى مَا قُرِئَ بِهِ كِتَابُ اللَّهِ مِنَ الأَلْسُنِ، أَفْصَحُهَا وَأَعْرَفُهَا دُونَ أَنْكَرِهَا وَأَشَذِّهَا.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ﴾.
اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : تَأْوِيلُ ذَلِكَ :﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ﴾ فِي ظَهْرِ آدَمَ أَيُّهَا النَّاسُ، ﴿ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ﴾ فِي أَرْحَامِ النِّسَاءِ خَلْقًا مَخْلُوقًا وَمِثَالاً مُمَثَّلاً فِي صُورَةِ آدَمَ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
١٤٣٩٧- حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ : حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ :﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ﴾، قَوْلُهُ :﴿خَلَقْنَاكُمْ﴾ يَعْنِي آدَمَ، وَأَمَّا صَوَّرْنَاكُمْ فَذُرِّيَّتُهُ.
١٤٣٩٨- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ : حَدَّثَنِي عَمِّي قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ :﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ﴾ الآيَةَ، قَالَ : أَمَّا خَلَقْنَاكُمْ فَآدَمُ، وَأَمَّا صَوَّرْنَاكُمْ : فَذُرِّيَةُ آدَمَ مِنْ بَعْدِهِ.


الصفحة التالية
Icon