١٤٤١٨- حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ : حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ :﴿خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ﴾ قَالَ : ثُمَّ جَعَلَ ذُرِّيَّتَهُ مِنْ مَاءٍ.
وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ عَدُوُّ اللَّهِ لَيْسَ لِمَا سَأَلَهُ عَنْهُ بِجَوَابٍ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ قَالَ لَهُ : مَا مَنَعَكَ مِنَ السُّجُودِ ؟ فَلَمْ يُجِبْ بِأَنَّ الَّذِي مَنَعَهُ مِنَ السُّجُودِ : أَنَّهُ خَلَقَهُ مِنْ نَارٍ، وَخَلَقَ آدَمَ مِنْ طِينٍ، وَلَكِنَّهُ ابْتَدَأَ خَبَرًا عَنْ نَفْسِهِ، فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى مَوْضِعِ الْجَوَابِ، فَقَالَ :﴿أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ﴾.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ﴾.
يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : قَالَ اللَّهُ لِإِبْلِيسَ عِنْدَ ذَلِكَ :﴿فَاهْبِطْ مِنْهَا﴾.
وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الْهُبُوطَ فِيمَا مَضَى قَبْلُ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ.
﴿فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا﴾، يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : فَقَالَ اللَّهُ لَهُ : اهْبِطْ مِنْهَا يَعْنِي : مِنَ الْجَنَّةِ فَمَا يَكُونُ لَكَ، يَقُولُ : فَلَيْسَ لَكَ أَنْ تَسْتَكْبِرَ فِي الْجَنَّةِ عَنْ طَاعَتِي وَأَمْرِي.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : هَلْ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَكَبَّرَ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ وَطَاعَتِهِ فِي غَيْرِ الْجَنَّةِ، فَيُقَالُ : لَيْسَ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِي الْجَنَّةِ ؟
قِيلَ : إِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ بِخِلاَفِ مَا إِلَيْهِ ذَهَبْتَ، وَإِنَّمَا مَعْنَى ذَلِكَ : فَاهْبِطْ مِنَ الْجَنَّةِ، فَإِنَّهُ لاَ يَسْكُنُ الْجَنَّةَ مُتَكَبِّرٌ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ، فَأَمَّا غَيْرُهَا فَإِنَّهُ قَدْ يَسْكُنُهَا الْمُسْتَكْبِرُ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ وَالْمُسْتَكِينُ لِطَاعَتِهِ.