وَأَمَّا قَوْلُهُ :﴿وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ فَإِنَّ مَعْنَاهُ : وَاعْلَمُوا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ أَيْضًا مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ، أَنَّ اللَّهَ الَّذِي يَقْدِرُ عَلَى قُلُوبِكُمْ، وَهُوَ أَمْلَكُ بِهَا مِنْكُمْ، إِلَيْهِ مَصِيرُكُمْ وَمَرْجِعُكُمْ فِي الْقِيَامَةِ، فَيُوَفِّيكُمْ جَزَاءَ أَعْمَالِكُمْ، الْمُحْسِنَ مِنْكُمْ بِإِحْسَانِهِ وَالْمُسِيءَ بِإِسَاءَتِهِ، فَاتَّقُوهُ وَرَاقِبُوهُ فِيمَا أَمَرَكُمْ وَنَهَاكُمْ هُوَ وَرَسُولُهُ أَنْ تُضَيِّعُوهُ، وَأَنْ لاَ تَسْتَجِيبُوا لِرَسُولِهِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ، فَيُوجِبَ ذَلِكَ سَخَطَهُ، وَتَسْتَحِقُّوا بِهِ أَلِيمَ عَذَابِهِ حِينَ تُحْشَرُونَ إِلَيْهِ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾.
يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِلْمُؤْمِنِينَ بِهِ وَبِرَسُولِهِ : اتَّقُوا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ فِتْنَةً يَقُولُ : اخْتِبَارًا مِنَ اللَّهِ يَخْتَبِرُكُمْ، وَبَلاَءً يَبْتَلِيكُمْ، لاَ تُصِيبَنَّ هَذِهِ الْفِتْنَةُ الَّتِي حَذَّرْتُكُمُوهَا الَّذِينَ ظَلَمُوا، وَهُمُ الَّذِينَ فَعَلُوا مَا لَيْسَ لَهُمْ فِعْلُهُ، إِمَّا إِجْرَامٌ أَصَابُوهَا وَذُنُوبٌ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ اللَّهِ رَكِبُوهَا، يُحَذِّرُهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنْ يَرْكَبُوا لَهُ مَعْصِيَةً أَوْ يَأْتُوا مَأْثَمًا يَسْتَحِقُّونَ بِذَلِكَ مِنْهُ عُقُوبَةً.
وَقِيلَ : إِنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمُ الَّذِينَ عنوا بِهَا.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
١٥٩٨٠- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، قَالَ : حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ :﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً﴾ قَالَ : نَزَلَتْ فِي عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.