١٥٩٩٥- قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ، أَنَّهُ سَمِعَ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ يَقُولُ، وَقَرَأَ :﴿وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ﴾ وَالنَّاسُ إِذْ ذَاكَ : فَارِسُ، وَالرُّومُ.
١٥٩٩٦- قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ :﴿وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ﴾ قَالَ : كَانَ هَذَا الْحَيُّ مِنَ الْعَرَبِ أَذَلَّ النَّاسِ ذُلًّا، وَأَشْقَاهُ عَيْشًا، وَأَجْوَعَهُ بُطُونًا، وَأَعْرَاهُ جُلُودًا، وَأَبْيَنَهُ ضَلاَلاً، مَنْ عَاشَ مِنْهُمْ عَاشَ شَقِيًّا، وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ رُدِّيَ فِي النَّاسِ، يُؤْكَلُونَ وَلاَ يَأْكُلُونَ، وَاللَّهِ مَا نَعْلَمُ قَبِيلاً مِنْ حَاضِرِ أَهْلِ الأَرْضِ يَوْمَئِذٍ كَانُوا أَشَرَّ مِنْهُمْ مَنْزِلاً. حَتَّى جَاءَ اللَّهُ بِالإِسْلاَمِ، فَمَكَّنَ بِهِ فِي الْبِلاَدِ، وَوَسَّعَ بِهِ فِي الرِّزْقِ، وَجَعَلَكُمْ بِهِ مُلُوكًا عَلَى رِقَابِ النَّاسِ، فَبِالإِسْلاَمِ أَعْطَى اللَّهُ مَا رَأَيْتُمْ، فَاشْكُرُوا اللَّهَ عَلَى نِعَمِهِ، فَإِنَّ رَبَّكُمْ مُنْعِمٌ يُحِبُّ الشُّكْرَ، وَأَهْلُ الشُّكْرِ فِي مَزِيدٍ مِنَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى.
وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ : عنيَ بِذَلِكَ مُشْرِكُو قُرَيْشٍ ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَكُونُوا يَخَافُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ قَبْلَ الْهِجْرَةِ مِنْ غَيْرِهِمْ ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَدْنَى الْكُفَّارِ مِنْهُمْ إِلَيْهِمْ، وَأَشَدَّهُمْ عَلَيْهِمْ يَوْمَئِذٍ مَعَ كَثْرَةِ عَدَدِهِمْ وَقِلَّةِ عَدَدِ الْمُسْلِمِينَ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ :﴿فَآوَاكُمْ﴾ فَإِنَّهُ يَعْنِي : آوَاكُمُ الْمَدِينَةَ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ :﴿وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ﴾ بِالأَنْصَارِ.
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.


الصفحة التالية
Icon