قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَأَوْلَى الأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَالَ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخْبَرَ فِي هَذِهِ الآيَةِ عَنْ قَوْمٍ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأَنْفَالَ أَنْ يُعْطِيَهُمُوهَا، فَأَخْبَرَهُمُ اللَّهُ أَنَّهَا لِلَّهِ وَأَنَّهُ جَعَلَهَا لِرَسُولِهِ.
وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهُ جَازَ أَنْ يَكُونَ نُزُولُهَا كَانَ مِنْ أَجْلِ اخْتِلاَفِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ كَانَ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَةِ مَنْ سَأَلَهُ السَّيْفَ الَّذِي ذَكَرْنَا عَنْ سَعْدٍ أَنَّهُ سَأَلَهُ إِيَّاهُ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَةِ مَنْ سَأَلَهُ قَسْمَ ذَلِكَ بَيْنَ الْجَيْشِ.
وَاخْتَلَفُوا فِيهَا، أَمَنْسُوخَةٌ هِيَ أَمْ غَيْرُ مَنْسُوخَةٍ ؟
فَقَالَ بَعْضُهُمْ : هِيَ مَنْسُوخَةٌ، وَقَالُوا : نَسَخَهَا قَوْلُهُ :﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ﴾ الآيَةَ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
١٥٧٤٦- حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، وَعِكْرِمَةَ، قَالاَ : كَانَتِ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ فَنَسَخَتْهَا :﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ﴾.
١٥٧٤٧- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ :﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ﴾ قَالَ : أَصَابَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ يَوْمَ بَدْرٍ سَيْفًا، فَاخْتَصَمَ فِيهِ وَنَاسٌ مَعَهُ، فَسَأَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخَذَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ، فَقَالَ اللَّهُ :﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ﴾ الآيَةَ، فَكَانَتِ الْغَنَائِمُ يَوْمَئِذٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً، فَنَسَخَهَا اللَّهُ بِالْخُمُسِ.