١٥٨٣٠- حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، قَالَ : حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ : سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ :﴿بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ مُرْدِفِينَ﴾ يَقُولُ : مُتَتَابِعِينَ يَوْمَ بَدْرٍ.
وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ (مُرْدَفِينَ) بِنَصْبِ الدَّالِ.
وَقَرَأَهُ بَعْضُ الْمَكِّيِّينَ وَعَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفِيِّينَ وَالْبَصْرِيِّينَ :﴿مُرْدِفِينَ﴾ وَكَانَ أَبُو عَمْرٍو يَقْرَؤُهُ كَذَلِكَ، وَيَقُولُ فِيمَا ذُكِرَ عَنْهُ : هُوَ مِنْ أَرْدَفَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. وَأَنْكَرَ هَذَا الْقَوْلَ مِنْ قَوْلِ أَبِي عَمْرٍو بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِكَلاَمِ الْعَرَبِ، وَقَالَ : إِنَّمَا الإِرْدَافُ : أَنْ يَحْمِلَ الرَّجُلُ صَاحِبَهُ خَلْفَهُ قَالَ : وَلَمْ يُسْمَعْ هَذَا فِي نَعْتِ الْمَلاَئِكَةِ يَوْمَ بَدْرٍ.
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِكَلاَمِ الْعَرَبِ فِي مَعْنَى ذَلِكَ إِذَا قُرِئَ بِفَتْحِ الدَّالِ أَوْ بِكَسْرِهَا.
فَقَالَ بَعْضُ الْبَصْرِيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ : مَعْنَى ذَلِكَ إِذَا قُرِئَ بِالْكَسْرِ أَنَّ الْمَلاَئِكَةَ جَاءَتْ يَتْبَعُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا عَلَى لُغَةِ مَنْ قَالَ : أَرْدَفْتُهُ، وَقَالُوا : الْعَرَبُ تَقُولُ : أَرْدَفْتُهُ وَرَدِفْتُهُ، بِمَعْنَى : تَبِعْتُهُ وَأَتْبَعْتُهُ، وَاسْتُشْهِدَ لِصِحَّةِ قَوْلِهِمْ ذَلِكَ بِمَا قَالَ الشَّاعِرُ :

إِذَا الْجَوْزَاءُ أَرْدَفَتِ الثُّرَيَّا ظَنَنْتُ بِآلِ فَاطِمَةَ الظُّنُونَا
قَالُوا : فَقَالَ الشَّاعِرُ : أَرْدَفَتِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ رَدِفَتْ جَاءَتْ بَعْدَهَا ؛ لِأَنَّ الْجَوْزَاءَ تَجِئُ بَعْدَ الثُّرَيَّا. وَقَالُوا مَعْنَاهُ إِذَا قُرِئَ ﴿مُرْدِفِينَ﴾ أَنَّهُ مَفْعُولٌ بِهِمْ، كَأَنَّ مَعْنَاهُ : بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ يُرْدِفُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ بَعْضًا.


الصفحة التالية
Icon