يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ صَدَّقُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴿إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ فِي الْقِتَالِ ﴿زَحْفًا﴾ يَقُولُ : مُتَزَاحِفًا بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ، وَالتَّزَاحُفُ التَّدَانِي وَالتَّقَارُبُ. ﴿فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ﴾ يَقُولُ : فَلاَ تُوَلُّوهُمْ ظُهُورَكُمْ فَتَنْهَزِمُوا عَنْهُمْ، وَلَكِنِ اثْبُتُوا لَهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ مَعَكُمْ عَلَيْهِمْ. ﴿وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ﴾ يَقُولُ : وَمَنْ يُوَلِّهِمْ مِنْكُمْ ظَهْرَهَ ﴿إِلاَّ مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ﴾ يَقُولُ : إِلاَّ مُسْتَطْرِدًا لِقِتَالِ عَدُوِّهِ بِطَلَبِ عَوْرَةٍ لَهُ يُمْكِنُهُ إِصَابَتُهَا فَيَكِرُّ عَلَيْهِ ﴿أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ﴾ أَوْ إِلاَّ أَنْ يُوَلِّيَهُمْ ظَهْرَهُ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ يَقُولُ : صَائِرًا إِلَى حَيِّزِ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَفِيئُونَ بِهِ مَعَهُمْ إِلَيْهِمْ لِقِتَالِهِمْ وَيَرْجِعُونَ بِهِ مَعَهُمْ إِلَيْهِمْ.
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
١٥٨٧١- حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ :﴿إِلاَّ مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ﴾ قَالَ : الْمُتَحَرِّفُ : الْمُتَقَدِّمُ مِنْ أَصْحَابِهِ لِيَرَى غُرَّةً مِنَ الْعَدُوِّ فَيُصِيبَهَا. قَالَ : وَالْمُتَحَيِّزُ : الْفَارُّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ، وَكَذَلِكَ مَنْ فَرَّ الْيَوْمَ إِلَى أَمِيرِهِ أَوْ أَصْحَابِهِ. قَالَ الضَّحَّاكُ : وَإِنَّمَا هَذَا وَعِيدٌ مِنَ اللَّهِ لِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لاَ يَفِرُّوا، وَإِنَّمَا كَانَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ فِئَتَهُمْ.