وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ لِنَبِيِّهِ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ :﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى﴾ فَأَضَافَ الرَّمْيَ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ، ثُمَّ نَفَاهُ عَنْهُ، وَأَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ هُوَ الرَّامِي ؛ إِذْ كَانَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ هُوَ الْمَوْصِلُ الْمَرْمِيَّ بِهِ إِلَى الَّذِينَ رُمُوا بِهِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَالْمُسَبِّبُ الرَّمِيَّةَ لِرَسُولِهِ. فَيُقَالُ لِلْمُسْلِمِينَ مَا ذَكَرْنَا : قَدْ عَلِمْتُمْ إِضَافَةَ اللَّهِ رَمْيَ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُشْرِكِينَ إِلَى نَفْسِهِ بَعْدَ وَصْفِهِ نَبِيَّهُ بِهِ وَإِضَافَتِهِ إِلَيْهِ، ذَلِكَ فِعْلٌ وَاحِدٌ كَانَ مِنَ اللَّهِ بِتَسْبِيبِهِ وَتَسْدِيدِهِ، وَمِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَذْفُ وَالإِرْسَالُ، فَمَا تُنْكِرُونَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ سَائِرُ أَفْعَالِ الْخَلْقِ الْمُكْتَسِبَةُ : مِنَ اللَّهِ الإِنْشَاءُ وَالإِنْجَازُ بِالتَّسْبِيبِ، وَمِنَ الْخَلْقِ الاِكْتِسَابُ بِالْقُوَى ؟ فَلَنْ يَقُولُوا فِي أَحَدِهِمَا قَوْلاً إِلاَّ أُلْزِمُوا فِي الآخَرِ مِثْلَهُ.
وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
١٥٨٩٣- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ : حَدَّثَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ :﴿فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ﴾ لِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالَ هَذَا : قَتَلْتُ، وَهَذَا : قَتَلْتُ. ﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ﴾ قَالَ لِمُحَمَّدٍ حِينَ حَصَبَ الْكُفَّارَ.
١٥٨٩٤- حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ.


الصفحة التالية
Icon