وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي مَوْضِعِ :﴿يُؤْمِنُوا﴾ فَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرَةِ : هُوَ نَصْبٌ ؛ لِأَنَّ جَوَابَ الأَمْرِ بِالْفَاءِ أَوْ يَكُونُ دُعَاءً عَلَيْهِمْ إِذَا عَصَوْا. وَقَدْ حُكِيَ عَنْ قَائِلِ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : هُوَ نَصْبٌ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ :﴿لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ﴾.
وَقَالَ آخَرُ مِنْهُمْ، وَهُوَ قَوْلُ نَحْوِيِّي الْكُوفَةِ : مَوْضِعُهُ جَزْمٌ عَلَى الدُّعَاءِ مِنْ مُوسَى عَلَيْهِمْ، بِمَعْنَى : فَلاَ آمَنُوا. كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ :
فَلاَ يَنْبَسِطْ مِنْ بَيْنِ عَيْنَيْكَ مَا انْزَوَى | وَلاَ تَلْقَنِي إِلاَّ وَأَنْفُكَ رَاغِمُ |
وَكَانَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْكُوفَةِ يَقُولُ : هُوَ دُعَاءٌ، كَأَنَّهُ قَالَ : اللَّهُمَّ فَلاَ يُؤْمِنُوا. قَالَ : وَإِنْ شِئْتَ جَعَلْتَهَا جَوَابًا لِمَسْأَلَتِهِ إِيَّاهُ، لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ خَرَجَتْ عَلَى لَفْظِ الأَمْرِ، فَتَجْعَلُ ﴿فَلاَ يُؤْمِنُوا﴾ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْجَوَابِ، وَلَيْسَ بِسَهْلٍ. قَالَ : وَيَكُونُ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ :
يَا نَاقَ سِيرِي عَنَقًا فَسِيحَا | إِلَى سُلَيْمَانَ فَنَسْتَرِيحَا |