﴿وَمَن ضَلَّ﴾ يَقُولُ : وَمَنْ اعْوَجَّ عَنِ الْحَقِّ الَّذِي أَتَاهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، خَالَفَ دِينَهُ، وَمَا بَعَثَ بِهِ مُحَمَّدًا، وَالْكِتَابَ الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَيْهِ. ﴿فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا﴾ يَقُولُ : فَإِنَّ ضَلاَلَةَ ذَلِكَ إِنَّمَا يَجْنِي بِهِ عَلَى نَفْسِهِ لاَ عَلَى غَيْرِهَا ؛ لِأَنَّهُ لاَ يُؤْخَذُ بِذَلِكَ غَيْرُهَا، وَلاَ يُورِدُ بِضَلاَلِهِ ذَلِكَ الْمَهَالِكَ سِوَى نَفْسِهِ. ﴿وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ ﴿وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ﴾. يَقُولُ : وَمَا أَنَا عَلَيْكُمُ بِمُسَلَّطٍ عَلَى تَقْوِيمِكُمْ، إِنَّمَا أَمَرُكُمْ إِلَى اللَّهِ، وَهُوَ الَّذِي يُقَوِّمُ مَنْ شَاءَ مِنْكُمْ، وَإِنَّمَا أَنَا رَسُولٌ مُبَلِّغٌ أُبْلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ﴾.
يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : وَاتَّبِعْ يَا مُحَمَّدُ وَحْيَ اللَّهِ الَّذِي يُوحِيهِ إِلَيْكَ، وَتَنْزِيلَهُ الَّذِي يُنْزِلُهُ عَلَيْكَ، فَاعْمَلْ بِهِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ فِي اللَّهِ مِنْ مُشْرِكِي قَوْمِكَ مِنَ الأَذَى، وَالْمَكَارِهِ، وَعَلَى مَا نَالَكَ مِنْهُمْ، حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ فِيهِمْ، وَفِيكَ أَمْرَهُ بِفِعْلٍ فَاصِلٍ. ﴿وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ﴾ يَقُولُ : وَهُوَ خَيْرُ الْقَاصِّينَ، وَأَعْدَلُ الْفَاصِلِينَ. فَحَكَمَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ، وَقَتَلَهُمْ بِالسَّيْفِ، وَأَمَرَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيمَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ أَنْ يَسْلُكَ بِهِمْ سَبِيلَ مَنْ أُهْلِكَ مِنْهُمْ أَوْ يَتُوبُوا وَيَنِيبُوا إِلَى طَاعَتِهِ.
١٧٩٩٧- كَمَا حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ : قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ :﴿وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ﴾ ﴿وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ﴾ قَالَ : هَذَا مَنْسُوخٌ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ، حَكَمَ اللَّهُ بِجِهَادِهِمْ، وَأَمَرَهُ بِالْغِلْظَةِ عَلَيْهِمْ.


الصفحة التالية
Icon