الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ﴾.
يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : ثُمَّ فُصِّلَتْ بِأَنْ لاَ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَتَخْلَعُوا الآلِهَةَ وَالأَنْدَادَ. ثُمَّ قَالَ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِلنَّاسِ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ نَذِيرٌ يُنْذِرُكُمْ عِقَابَهُ عَلَى مَعَاصِيهِ وَعِبَادَةِ الأَصْنَامِ، وَبَشِيرٌ يُبَشِّرُكُمْ بِالْجَزِيلِ مِنَ الثَّوَابِ عَلَى طَاعَتِهِ وَإِخْلاَصِ الْعِبَادَةِ وَالأُلُوهَةِ لَهُ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ﴾.
يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : ثُمَّ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ بِأَنْ لاَ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ وَبِأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ. وَيَعْنِي بِقَوْلُهُ :﴿وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ﴾ وَأَنِ اعْمَلُوا أَيُّهَا النَّاسُ مِنَ الأَعْمَالِ مَا يُرْضِي رَبُّكُمْ عَنْكُمْ، فَيَسْتُرُ عَلَيْكُمْ عَظِيمَ ذُنُوبِكُمُ الَّتِي رَكِبْتُمُوهَا بِعِبَادَتِكُمُ الأَوْثَانَ وَالأَصْنَامَ، وَإِشْرَاكِكُمُ الآلِهَةَ وَالأَنْدَادَ فِي عِبَادَتِهِ.
وَقَوْلُهُ :﴿ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ﴾ يَقُولُ : ثُمَّ ارْجِعُوا إِلَى رَبِّكُمْ بِإِخْلاَصِ الْعِبَادَةَ لَهُ دُونَ مَا سِوَاهُ مِنْ سَائِرِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ بَعْدَ خَلْعِكُمُ الأَنْدَادَ، وَبَرَاءَتِكُمْ مِنْ عِبَادِتِهَا. وَلِذَلِكَ قِيلَ :﴿وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ﴾ وَلَمْ يَقُلْ : وَتُوبُوا إِلَيْهِ ؛ لِأَنَّ التَّوْبَةَ مَعْنَاهَا الرُّجُوعُ إِلَى الْعَمَلِ بِطَاعَةِ اللَّهِ، وَالاِسْتِغْفَارُ : اسْتِغْفَارٌ مِنَ الشِّرْكِ الَّذِي كَانُوا عَلَيْهِ مُقِيمِينَ، @