وَقَوْلُهُ :﴿خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ﴾ يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ :﴿خَالِدِينَ فِيهَا﴾ لاَبِثِينَ فِيهَا، وَيَعِني بِقَوْلِهِ :﴿مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ﴾ أَبَدًا ؛ وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ إِذَا أَرَادَتْ أَنْ تَصِفَ الشَّيْءَ بِالدَّوَامِ أَبَدًا، قَالَتْ : هَذَا دَائِمٌ دَوَامُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ؛ بِمَعْنَى أَنَّهُ دَائِمٌ أَبَدًا، وَكَذَلِكَ يَقُولُونَ : هُوَ بَاقٍ مَا اخْتَلَفَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَمَا سَمَرَ لَنَا سَمِيرٌ، وَمَا لَأْلأَتِ الْعُفْرُ بِأَذْنَابِهَا يَعْنُونَ بِذَلِكَ كُلِّهِ أَبَدًا. فَخَاطَبَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِمَا يَتَعَارَفُونَ بِهِ بَيْنَهُمْ، فَقَالَ :﴿خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ﴾ وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ : خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا.
وَكَانَ ابْنُ زَيْدٍ يَقُولُ فِي ذَلِكَ بِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِيهِ.