ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
١٨٦٦٧- حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، يَعْنِي ثَعْلَبَةَ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ﴾ قَالَ : وَمَشِيئَتُهُ خُلُودُهُمْ فِيهَا، ثُمَّ أَتْبَعَهَا فَقَالَ :﴿عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ﴾.
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي وَجْهِ الاِسْتِثَنَاءِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي ذَلِكَ مَعْنَيَانِ : أَحَدُهُمَا أَنْ تَجْعَلَهُ اسْتِثَنَاءً يَسْتَثْنِيهِ وَلاَ يَفْعَلُهُ، كَقَوْلِكَ : وَاللَّهِ لأَضْرِبَنَّكَ إِلاَّ أَنْ أَرَى غَيْرَ ذَلِكَ، وَعَزْمُكَ عَلَى ضَرْبِهِ، قَالَ : فَكَذَلِكَ قَالَ :﴿خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ﴾ وَلاَ يَشَاؤُهُ.
قَالَ : وَالْقَوْلُ الآخَرُ : أَنَّ الْعَرَبَ إِذَا اسْتَثْنَتْ شَيْئًا كَثِيرًا مَعَ مِثْلِهِ، وَمَعَ مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْهُ كَانَ مَعْنَى إِلاَّ وَمَعْنَى الْوَاوِ سِوَى فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ :﴿خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ﴾ سِوَى مَا شَاءَ اللَّهُ مِنْ زِيَادَةِ الْخُلُودِ، فَيُجْعَلُ إِلاَّ مَكَانَ سِوَى فَيَصْلُحُ، وَكَأَنَّهُ قَالَ : خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ سِوَى مَا زَادَهُمْ مِنَ الْخُلُودِ وَالأَبَدِ.