لِأَنَّهُمَا إِلَى أَنْ يَكُونَا جَمِيعًا مِنْ صَلاَةِ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ أَقْرَبُ مِنْهُمَا إِلَى أَنْ يَكُونَا مِنْ صَلاَةِ طَرَفَيِ النَّهَارِ، وَذَلِكَ أَنَّ الظُّهْرَ لاَ شَكَّ أَنَّهَا تُصَلَّى بَعْدَ مُضِيِّ نِصْفُ النَّهَارِ فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْهُ، فَمُحَالُ أَنْ تَكُونَ مِنْ طَرَفِ النَّهَارِ الأَوَّلِ، وَهِيَ فِي طَرْفِهِ الآخَرِ. فَإِذَا كَانَ لاَ قَائِلَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ : عَنَى بِصَلاَةِ طَرَفِ النَّهَارِ الأَوَّلِ صَلاَةً بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُقَالَ : عَنَى بِصَلاَةِ طَرَفِ النَّهَارِ الآخِرِ صَلاَةً قَبْلَ غُرُوبِهَا. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ صَحَّ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْقَوْلِ وَفَسَدَ مَا خَالَفَهُ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ :﴿وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ﴾ فَإِنَّهُ يَعْنِي : سَاعَاتٍ مِنَ اللَّيْلِ، وَهِيَ جَمْعُ زُلْفَةٍ، وَالزُّلْفَةُ. السَّاعَةُ وَالْمَنْزِلَةُ وَالْقُرْبَةُ. وَقِيلَ : إِنَّمَا سُمِّيَتِ الْمُزْدَلِفَةُ وَجُمَعُ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهَا مَنْزِلٌ بَعْدَ عَرَفَةَ. وَقِيلَ : سُمِيَتْ بِذَلِكَ لاِزْدِلاَفِ آدَمَ مِنْ عَرَفَةَ إِلَى حَوَّاءَ وَهِيَ بِهَا ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْعَجَّاجِ فِي صِفَةِ بَعِيرٍ :
نَاجٍ طَوَاهُ الأَيْنَ مِمَّا وَجَفَا | طَيَّ اللَّيَالِي زُلَفًا فَزُلَفَا |