يَعْتَبِرُونَ مَوَاعِظَ اللَّهِ وَيَتَدَبَّرُونَ حُجَجَهُ، فَيَعْرِفُونَ مَا لَهُمْ فِي الإِيمَانِ بِاللَّهِ وَعَلَيْهِمْ فِي الْكُفْرِ بِهِ ﴿يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ﴾ يَقُولُ : يَنْهَوْنَ أَهْلَ الْمَعَاصِي عَنْ مَعَاصِيهِمْ وَ أَهْلَ الْكُفْرِ بِاللَّهِ عَنْ كُفْرِهِمْ بِهِ فِي أَرْضِهِ. ﴿إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ﴾ يَقُولُ : لَمْ يَكُنْ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ يَسِيرًا، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ، فَنَجَّاهُمُ اللَّهُ مِنْ عَذَابِهِ، حِينَ أَخَذَ مَنْ كَانَ مُقِيمًا عَلَى الْكُفْرِ بِاللَّهِ عَذَابُهُ، وَهُمُ أَتْبَاعُ الأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ. وَنَصَبَ قَلِيلاً لِأَنَّ قَوْلَهُ :﴿إِلاَّ قَلِيلاً﴾ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ مِمَّا قَبْلَهُ، كَمَا قَالَ :﴿إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا﴾ وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ.
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
١٨٧٧٤- حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ : قَالَ ابْنُ زَيْدٍ : اعْتَذَرَ فَقَالَ :﴿فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ حَتَّى بَلَغَ :﴿إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ﴾ فَإِذَا هُمُ الَّذِينَ نَجَوْا حِينَ نَزَلَ عَذَابُ اللَّهِ. وَقَرَأَ :﴿وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ﴾.
١٨٧٧٥- حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ : ثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَوْلُهُ :﴿فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكِمْ أُولُو بَقِيَّةٍ﴾ إِلَى قَوْلِهِ :﴿إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ﴾ قَالَ : يَسْتَقِلُّهُمُ اللَّهُ مِنْ كُلِّ قَوْمٍ.