وَقَدْ قِيلَ : مَعْنَى ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِيُهْلِكَهُمْ بِشِرْكِهِمْ بِاللَّهِ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ بِظُلْمٍ، يَعْنِي : بِشِرْكٍ، وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ لاَ يَتَظَالَمُونَ، وَلَكِنَّهُمْ يَتَعَاطَوْنَ الْحَقَّ بَيْنَهُمْ، وَإِنْ كَانُوا مُشْرِكِينَ، وَإِنَّمَا يُهْلِكُهُمْ إِذَا تَظَالَمُوا.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾.
يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ يَا مُحَمَّدُ لَجَعَلَ النَّاسَ كُلَّهَا جَمَاعَةً وَاحِدَةً عَلَى مِلَّةٍ وَاحِدَةٍ وَدِينٍ وَاحِدٍ.
١٨٧٨٣- كَمَا حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ :﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةٍ﴾ يَقُولُ : لَجَعَلَهُمْ مُسْلِمِينَ كُلَّهُمْ.
وَقَوْلُهُ :﴿وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ﴾ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : وَلاَ يَزَالُ النَّاسُ مُخْتَلِفِينَ، ﴿إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ﴾.
ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الاِخْتِلاَفِ الَّذِي وَصَفَ اللَّهُ النَّاسَ أَنَّهُمْ لاَ يَزَالُونَ بِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : هُوَ الاِخْتِلاَفُ فِي الأَدْيَانِ. فَتَأْوِيلُ ذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِ هَؤُلاَءِ وَلاَ يَزَالُ النَّاسُ مُخْتَلِفِينَ عَلَى أَدْيَانٍ شَتَّى مِنْ بَيْنِ يَهُودِيٍّ وَنَصْرَانِيٍّ وَمَجُوسِيٍّ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَقَالَ قَائِلُو هَذِهِ الْمَقَالَةِ : اسْتَثْنَى اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ مَنْ رَحِمَهُمْ، وَهُمْ أَهْلُ الإِيمَانِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
١٨٧٨٤- حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، ﴿وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ﴾ قَالَ : الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسُ. وَالْحَنِيفِيَّةُ هُمُ الَّذِينَ رَحِمَ رَبُّكَ.


الصفحة التالية
Icon