بسم الله الرحمن الرحيم

المجلد الخامس عشر
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً﴾.
يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ :﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾ بِتَسْلِيطِنَا إِيَّاهُمْ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنَ الْخَلْقِ، وَتْسِخِيرِنَا سَائِرَ الْخَلْقِ لَهُمْ ﴿وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ﴾ عَلَى ظُهُورِ الدَّوَابِّ وَالْمَرَاكِبِ ﴿وَ﴾ فِي ﴿الْبَحْرِ﴾ فِي الْفُلْكِ الَّتِي سَخَّرْنَاهَا لَهُمْ ﴿وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ﴾ يَقُولُ : مِنْ طَيِّبَاتِ الْمَطَاعِمِ وَالْمَشَارِبِ، وَهِيَ حَلاَلُهَا وَلَذِيذَاتُهَا ﴿وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً﴾ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ ذَلِكَ تَمَكُّنُهُمْ مِنَ الْعَمَلِ بِأَيْدِيهِمْ، وَأَخْذُ الأَطْعِمَةِ وَالأَشْرِبَةِ بِهَا وَرَفْعُهَا بِهَا إِلَى أَفْوَاهِهِمْ، وَذَلِكَ غَيْرُ مُتَيَسِّرٍ لِغَيْرِهِمْ مِنَ الْخَلْقِ، كَمَا:
٢٢٦٧٠- حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ : حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَوْلُهُ ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾. الآيَةَ، قَالَ : وَفَضَّلْنَاهُمْ فِي الْيَدَيْنِ يَأْكُلُ بِهِمَا، وَيَعْمَلُ بِهِمَا، وَمَا سِوَى الإِنْسِ يَأْكُلُ بِغَيْرِ ذَلِكَ.
٢٢٦٧١- حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، فِي قَوْلِهِ :﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾ قَالَ : قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ : يَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَعْطَيْتَ بَنِي آدَمَ الدُّنْيَا يَأْكُلُونَ مِنْهَا، وَيَتَنَعَّمُونَ، وَلَمْ تُعْطِنَا ذَلِكَ، فَأَعْطِنَاهُ فِي الآخِرَةِ، فَقَالَ : وَعِزَّتِي لاَ أَجْعَلُ ذُرِّيَّةَ مَنْ خَلَقْتُ بِيَدِي، كَمَنْ قُلْتُ لَهُ كُنْ فَكَانَ.


الصفحة التالية
Icon