بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

المجلد التاسع عشر
تَفْسيِرُ سُورَةِ الأَحْزَابِ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلاَ تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا. وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ إِنَّ اللَّهََ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾.
يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ﴾ بِطَاعَتِهِ، وَأَدَاءِ فَرَائِضِهِ، وَوَاجِبِ حُقُوقِهِ عَلَيْكَ وَالاِنْتِهَاءِ عَنْ مَحَارِمِهِ وَانْتِهَاكِ حُدُودِهِ ﴿وَلاَ تُطِعِ الْكَافِرِينَ﴾ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَكَ : اطْرُدْ عَنْكَ أَتْبَاعَكَ مِنْ ضُعَفَاءِ الْمُؤْمِنِينَ بِكَ حَتَّى نُجَالِسَكَ ﴿وَالْمُنَافِقِينَ﴾ الَّذِينَ يُظْهِرُونَ لَكَ الإِيمَانَ بِاللَّهِ وَالنَّصِيحَةَ لَكَ، وَهُمْ لاَ يَأْلُونَكَ وَأَصْحَابَكَ وَدِينَكَ خَبَالاً، فَلاَ تَقْبَلْ مِنْهُمْ رَأْيًا، وَلاَ تَسْتَشِرْهُمْ مُسْتَنْصِحًا بِهِمْ فَإِنَّهُمْ لَكَ أَعْدَاءُ ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ يَقُولُ : إِنَّ اللَّهَ ذُو عِلْمٍ بِمَا تُضْمِرُهُ نُفُوسُهُمْ، وَمَا الَّذِي يَقْصِدُونَ فِي إِظْهَارِهِمْ لَكَ النَّصِيحَةَ، مَعَ الَّذِي يَنْطَوُونَ لَكَ عَلَيْهِ، حَكِيمٌ فِي تَدْبِيرِ أَمْرِكَ وَأَمْرِ أَصْحَابِكَ وَدِينِكَ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ تَدْبِيرِ جَمِيعِ خَلْقِهِ. ﴿وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكِ﴾ يَقُولُ : وَاعْمَلْ بِمَا يُنَزِّلُ اللَّهُ عَلَيْكَ مِنْ وَحْيِهِ، وآيِ كِتَابِهِ ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾ يَقُولُ : إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُ بِهِ أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ مِنْ هَذَا الْقُرْآنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أُمُورِكُمْ وَأُمُورِ عِبَادِهِ خَبِيرٌ أَيْ ذَا خَبْرَةٍ، لاَ يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، وَهُوَ مُجَازِيكُمْ عَلَى ذَلِكَ بِمَا وَعَدَكُمْ مِنَ الْجَزَاءِ.
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ :﴿وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكِ﴾ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.


الصفحة التالية
Icon