وَلَوْ كَانَ الْجَاهِلُ تَدَبَّرَ قَوْلَهُ هَذَا، لَسَهُلَ عَلَيْهِ مَا اسْتُصْعِبَ مِنَ الْقَوْلِ ؛ وَذَلِكَ أَنَّهُ اسْتَعْظَمَ مِنَ الْقَوْمِ مَسْأَلَتَهُمْ نَبِيَّهُمْ مَا سَأَلُوهُ تَشَدُّدًا مِنْهُمْ فِي دِينِهِمْ، ثُمَّ أَضَافَ إِلَيْهِمْ مِنَ الأَمْرِ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِمَّا اسْتَنْكَرَهُ أَنْ يَكُونَ كَانَ مِنْهُمْ، فَزَعَمَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يَفْرِضَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فَرْضًا وَيَتَعَبَّدَهُمْ بِعِبَادَةٍ، ثُمَّ لاَ يُبَيِّنُ لَهُمْ مَا يَفْرِضُ عَلَيْهِمْ وَيَتَعَبَّدُهُمْ بِهِ حَتَّى يَسْأَلُوا بَيَانَ ذَلِكَ لَهُمْ. فَأَضَافَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ مَا لاَ يَجُوزُ إِضَافَتُهُ إِلَيْهِ، وَنَسَبَ الْقَوْمَ مِنَ الْجَهْلِ إِلَى مَا لاَ يُنْسَبُ الْمَجَانِينَ إِلَيْهِ، فَزَعَمَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَسْأَلُونَ رَبَّهُمْ أَنْ يَفْرِضَ عَلَيْهِمُ الْفَرَائِضَ. فَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْحِيرَةِ، وَنَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ وَالْهِدَايَةَ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ :﴿إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا﴾ فَإِنَّ الْبَقَرَ جِمَاعُ بَقَرَةٍ.
وَقَدْ قَرَأَ بَعْضُهُمْ : إِنَّ الْبَاقِرَ وَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ فِي الْكَلاَمِ جَائِزًا لِمَجِيئِهِ فِي كَلاَمِ الْعَرَبِ وَأَشْعَارِهَا، كَمَا قَالَ مَيْمُونُ بْنُ قَيْسٍ :.
وَمَا ذَنْبُهُ إِنْ عَافَتِ الْمَاءَ بَاقِرٌ | وَمَا إِنْ تَعَافُ الْمَاءَ إِلاَّ لِيُضْرَبَا |
وَكَمَا قَالَ أُمَيَّةُ :.
وَيَسُوقُونَ بَاقِرَ السهل لِلطو | د مَهَازِيلَ خَشْيَةً أَنْ تَبُورَا@ |
الصفحة التالية