وَالصَّوَابُ فِي ذَلِكَ مِنَ الْقِرَاءَةِ عِنْدَنَا :﴿إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا﴾ بِتَخْفِيفِ شَيْنِ تَشَابَهَ وَنَصْبِ هَائِهِ، بِمَعْنَى تَفَاعَلَ. لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنَ الْقُرَّاءِ عَلَى تَصْوِيبِ ذَلِكَ وَرَفْعِهِمْ مَا سِوَاهُ مِنَ الْقِرَاءَاتِ، وَلاَ يَعْتَرِضُ عَلَى الْحُجَّةِ بِقَوْلِ مَنْ يَجُوزُ عَلَيْهِ فِيمَا نَقَلَ السَّهْوُ وَالْغَفْلَةُ وَالْخَطَأُ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ :﴿وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ﴾ فَإِنَّهُمْ عُنُوا : وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُبَيَّنٌ لَنَا مَا الْتَبَسَ عَلَيْنَا وَتَشَابَهَ مِنْ أَمْرِ الْبَقَرَةِ الَّتِي أُمِرْنَا بِذَبْحِهَا. وَمَعْنَى اهْتِدَائِهِمْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مَعْنَى تَبَيُّنِهِمْ أَيًّ ذَلِكَ الَّذِي لَزِمَهُمْ ذَبْحُهُ مِمَّا سِوَاهُ مِنْ أَجْنَاسِ الْبَقَرِ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَ ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ وَلاَ تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لاَ شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ﴾.
وَتَأْوِيلُ ذَلِكَ، قَالَ مُوسَى : إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ. إِنَّ الْبَقَرَةَ الَّتِي أَمَرْتُكُمْ بِذَبْحِهَا بَقَرَةٌ لاَ ذَلُولٌ.
وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ :﴿لاَ ذَلُولٌ﴾ أَيْ لَمْ يُذَلِّلْهَا الْعَمَلُ. فَمَعْنَى الآيَةِ : أَنَّهَا بَقَرَةٌ لَمْ تُذَلِّلْهَا إِثَارَةُ الأَرْضِ بِأَظْلاَفِهَا، وَلاَ سُنِيَ عَلَيْهَا الْمَاءُ فَيُسْقَى عَلَيْهَا الزَّرْعُ، كَمَا يُقَالُ للدَّابَّةِ الَّتِي قَدْ ذَلَّلَهَا الرُّكُوبُ أَوِ الْعَمَلُ : دَابَّةٌ ذَلُولٌ بَيِّنَةُ الذُّلِّ، بِكَسْرِ الذَّالِ، وَيُقَالُ فِي مِثْلِهِ مِنْ بَنِي آدَمَ : رَجُلٌ ذَلِيلٌ بَيْنَ الذُّلِّ وَالذِّلَّةِ.
١٢٥٣- حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ : قَوْلُهُ :﴿إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَ ذَلُولٌ﴾ يَقُولُ : صَعْبَةٌ لَمْ يُذِلَّهَا عَمَلٌ تُثِيرُ الأَرْضَ وَلاَ تَسْقِي الْحَرْثَ.