وَكَانَ مُوسَى لَمَّا رَأَى الْقَتْلَ كَثِيرًا فِي أَصْحَابِهِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَ إِذَا رَأَى الْقَتِيلَ بَيْنَ ظَهْرَيِ الْقَوْمِ آخَذَهُمْ، فَكَادَ يَكُونُ بَيْنَ أَخِي الْمَقْتُولِ وَبَيْنَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ قِتَالٌ ؛ حَتَّى لَبِسَ الْفَرِيقَانِ السِّلاَحَ، ثُمَّ كَفَّ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ، فَأَتَوْا مُوسَى فَذَكَرُوا لَهُ شَأْنَهُمْ فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَؤُلاَءِ قَتَلُوا قَتِيلاً ثُمَّ رَدُّوا الْبَابَ، وَقَالَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ : يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَرَفْتَ اعْتِزَالَنَا الشُّرُورَ وَبَنَيْنَا مَدِينَةً كَمَا رَأَيْتَ نَعْتَزِلُ شُرُورَ النَّاسِ مَا قَتَلْنَا وَلاَ عَلِمْنَا قَاتِلاً. فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ إِلَيْهِ أَنْ يَذْبَحُوا بَقَرَةً، فَقَالَ لَهُمْ مُوسَى :﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً﴾.
١٣٠٧- حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ : حَدَّثَنَا آدَمَ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَبِيدَةَ، قَالَ : كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ عَقِيمٌ وَلَهُ مَالٌ كَثِيرٌ، فَقَتَلَهُ ابْنُ أَخٍ لَهُ فَجَرَّهُ فَأَلْقَاهُ عَلَى بَابِ نَاسٍ آخَرِينَ. ثُمَّ أَصْبَحُوا فَادَّعَاهُ عَلَيْهِمْ حَتَّى تَسَلَّحَ هَؤُلاَءِ وَهَؤُلاَءِ، فَأَرَادُوا أَنْ يَقْتَتِلُوا، فَقَالَ ذَوُو النُّهَى مِنْهُمْ : أَتَقْتَتِلُونَ وَفِيكُمْ نَبِيُّ اللَّهِ. فَأَمْسَكُوا حَتَّى أَتَوْا مُوسَى، فَقَصُّوا عَلَيْهِ الْقِصَّةَ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَذْبَحُوا بَقَرَةً فَيَضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا، فَقَالُوا :﴿أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾.
١٣٠٨- حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ : قَالَ ابْنُ زَيْدٍ : قَتِيلٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ طُرِحَ فِي سِبْطٍ مِنَ الأَسْبَاطِ، فَأَتَى أَهْلُ ذَلِكَ السِّبْطِ إِلَى ذَلِكَ السَّبْطِ، فَقَالُوا : أَنْتُمْ وَاللَّهِ قَتَلْتُمْ صَاحِبَنَا، فَقَالُوا : لاَ وَاللَّهِ. فَأَتَوْا إِلَى مُوسَى فَقَالُوا : هَذَا قَتِيلُنَا بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، وَهُمْ وَاللَّهِ قَتَلُوهُ، فَقَالُوا : لاَ وَاللَّهُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ طُرِحَ عَلَيْنَا. فَقَالَ لَهُمْ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً﴾.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَكَانَ اخْتِلاَفُهُمْ وَتَنَازُعُهُمْ وَخِصَامُهُمْ بَيْنَهُمْ فِي أَمْرِ الْقَتِيلِ الَّذِي ذَكَرْنَا أَمْرَهُ عَلَى مَا رُوِّينَا مِنْ عُلَمَائِنَا مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ هُوَ الدَّرْءُ الَّذِي قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِذُرِّيَّتِهِمْ وَبَقَايَا أَوْلاَدِهِمْ :﴿فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾.