وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً عِنْدَكُمْ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَلِكُلٍّ مِمَّا قِيلَ مِنْ هَذِهِ الأَقْوَالِ الَّتِي حَكَيْنَا وَجْهٌ وَمَخْرَجٌ فِي كَلاَمِ الْعَرَبِ، غَيْرَ أَنَّ أَعْجَبَ الأَقْوَالِ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ مَا قُلْنَاهُ أَوَّلاً، ثُمَّ الْقَوْلُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَمَّنْ وَجَّهَ ذَلِكَ إِلَى أَنَّهُ بِمَعْنَى : فَهِيَ أَوْجُهٌ فِي الْقَسْوَةِ مِنْ أَنْ تَكُونَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدَّ، عَلَى تَأْوِيلِ أَنَّ مِنْهَا كَالْحِجَارَةِ، وَمِنْهَا أَشَدُّ قَسْوَةً ؛ لِأَنَّ أَوْ وَإِنِ اسْتُعْمِلَتَ فِي أَمَاكِنَ مِنْ أَمَاكِنِ الْوَاوِ حَتَّى يَلْتَبِسَ مَعْنَاهَا وَمَعْنَى الْوَاوِ لِتَقَارُبِ مَعْنَيَيْهِمَا فِي بَعْضِ تِلْكَ الأَمَاكِنِ، فَإِنَّ أَصْلَهَا أَنْ تَأْتِيَ بِمَعْنَى أَحِدِ الاِثْنَيْنِ، فَتَوْجِيهُهَا إِلَى أَصْلِهَا مَنْ وَجَدَ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلاً أَعْجَبُ إِلَيَّ مِنْ إِخْرَاجِهَا عَنْ أَصْلِهَا وَمَعْنَاهَا الْمَعْرُوفِ لَهَا.
قَالَ : وَأَمَّا الرَّفْعُ فِي قَوْلِهِ :﴿أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً﴾ فَمِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ عَطْفًا عَلَى مَعْنَى الْكَافِ الَّتِي فِي قَوْلِهِ :﴿كَالْحِجَارَةِ﴾ لِأَنَّ مَعْنَاهَا الرَّفْعَ، وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَاهَا مَعْنَى مِثْلِ : فَهِيَ مِثْلُ الْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً مِنَ الْحِجَارَةِ.
وَالْوَجْهُ الآخَرُ : أَنْ يَكُونَ مَرْفُوعًا عَلَى مَعْنَى تَكْرِيرِ هِيَ عَلَيْهِ فَيَكُونَ تَأْوِيلُ ذَلِكَ : فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ هِيَ أَشَدُّ قَسْوَةً مِنَ الْحِجَارَةِ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ﴾.
يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ :﴿وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَّا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ﴾ وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لحِجَارَةً يَتَفَجَّرُ مِنْهَا الْمَاءُ الَّذِي تَكُونُ مِنْهُ الأَنْهَارُ، فَاسْتَغْنَى بِذِكْرِ الأَنْهَارِ عَنْ ذِكْرِ الْمَاءِ، وَإِنَّمَا ذُكِرَ فَقَالَ مِنْهُ لِلَفْظِ مَا.


الصفحة التالية
Icon