الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ﴾
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : أَمَّا الْفَرِيقُ فَجَمْعٌ كَالطَّائِفَةِ لاَ وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ، وَهُوَ فَعِيلٌ مِنَ التَّفَرُّقِ سُمِّيَ بِهِ الْجِمَاعُ كَمَا سُمِّيَتِ الْجَمَاعَةُ بِالْحِزْبِ مِنَ التَّحَزُّبِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَمِنْهُ قَوْلُ أَعْشَى بَنِي ثَعْلَبَةَ :.

أَجَدُّوا فَلَمَّا خِفْتُ أَنْ يَتَفَرَّقُوا فَرِيقَيْنِ مِنْهُمْ مُصْعِدٌ وَمُصَوِّبُ.
يَعْنِي بِقَوْلِهِ :﴿مِنْهُمْ﴾ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَإِنَّمَا جَعَلَ اللَّهُ الَّذِينَ كَانُوا عَلَى عَهْدِ مُوسَى وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْيَهُودِ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ لِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ﴾ لِأَنَّهُمْ كَانُوا آبَاءَهُمْ وَأَسْلاَفَهُمْ، فَجَعَلَهُمْ مِنْهُمْ إِذْ كَانُوا عَشَائِرَهُمْ وَفَرَطَهُمْ وَأَسْلاَفَهُمْ، كَمَا يَذْكُرُ الرَّجُلُ الْيَوْمَ الرَّجُلَ وَقَدْ مَضَى عَلَى مِنْهَاجِ الذَّاكِرِ وَطَرِيقَتِهِ وَكَانَ مِنْ قَوْمِهِ وَعَشِيرَتِهِ، فَيَقُولُ : كَانَ مِنَّا فُلاَنٌ ؛ يَعْنِي أَنَّهُ كَانَ مِنْ أَهْلِ طَرِيقَتِهِ أَوْ مُذْهَبِهِ أَوْ مِنْ قَوْمِهِ وَعَشِيرَتِهِ ؛ فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ :﴿وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ﴾.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾.
اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الَّذِينَ عَنَى اللَّهُ بِقَوْلِهِ :﴿وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾.
فَقَالَ بَعْضُهُمْ بِمَا ؛
١٣٣٣- حَدَّثَنِي بِهِ، مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ : حَدَّثَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبَى نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ : فِي قَوْلِ اللَّهِ :﴿أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ فَالَّذِينَ يُحَرِّفُونَهُ وَالَّذِينَ يَكْتُمُونَهُ : هُمُ الْعُلَمَاءُ مِنْهُمْ.


الصفحة التالية
Icon