الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ﴾.
يَعْنِي بِقَوْلِهِ :﴿وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ﴾ أَيْ إِذَا خَلاَ بَعْضُ هَؤُلاَءِ الْيَهُودِ الَّذِينَ وَصَفَّ اللَّهُ صِفَتَهُمْ إِلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ فَصَارُوا فِي خَلاَءٍ مِنَ النَّاسِ غَيْرِهِمْ، وَذَلِكَ هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ غَيْرُهُمْ، قَالُوا، يَعْنِي قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ؟.
ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ :﴿بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ﴾.
فَقَالَ بَعْضُهُمْ بِمَا ؛
١٣٤٤- حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ : حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ بِشْرِ بْنِ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ :﴿وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ﴾ يَعْنِي بِمَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ بِهِ، فَيَقُولُ الآخَرُونَ : إِنَّمَا نَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَنَضْحَكُ.
وَقَالَ آخَرُونَ بِمَا ؛
١٣٤٥- حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ :﴿وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا﴾ أَيْ بِصَاحِبِكُمْ رَسُولِ اللَّهِ، وَلَكِنَّهُ إِلَيْكُمْ خَاصَّةً، وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا : لاَ تُحَدِّثُوا الْعَرَبَ بِهَذَا فَإِنَّكُمْ قَدْ كُنْتُمْ تَسْتَفْتِحُونَ بِهِ عَلَيْهِمْ، فَكَانَ مِنْهُمْ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ :﴿وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا، وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ﴾ أَيْ تُقِرُّونَ بِأَنَّهُ نَبِيٌّ، وَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّهُ قَدْ أُخِذَ لَهُ الْمِيثَاقُ عَلَيْكُمْ بِاتِّبَاعِهِ، وَهُوَ يُخْبِرُهُمْ أَنَّهُ النَّبِيُّ الَّذِي كُنَّا نَنْتَظِرُ وَنَجِدُهُ فِي كِتَابِنَا ؟ اجْحَدُوهُ وَلاَ تُقِرُّوا لَهُمْ بِهِ. يَقُولُ اللَّهُ :﴿أَوَ لاَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ﴾.