وَكَانَ قِيلُهُمْ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ كانوا يَجِدُونَ ذَلِكَ فِي كُتُبِهِمْ وَكَانُوا يُخْبِرُونَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ، فَكَانَ تَلاَوُمُهُمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ إِذَا خَلَوْا عَلَى مَا كَانُوا يُخْبِرُونَهُمْ بِمَا هُوَ حُجَّةٌ لِلْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ. وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُخْبِرُونَهُمْ عَنْ وُجُودِ نَعْتِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كُتُبِهِمْ وَيَكْفُرُونَ بِهِ، وَكَانَ فَتْحُ اللَّهِ الَّذِي فَتَحَهُ لِلْمُسْلِمِينَ عَلَى الْيَهُودِ وَحُكْمُهُ عَلَيْهِمْ لَهُمْ فِي كِتَابِهِمْ أَنْ يُؤْمِنُوا بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا بُعِثَ، فَلَمَّا بُعِثَ كَفَرُوا بِهِ مَعَ عِلْمِهِمْ بِنُبُوَّتِهِ.
وَقَوْلُهُ :﴿أَفَلاَ تَعْقِلُونَ﴾ خَبَرٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ عَنِ الْيَهُودِ اللاَّئِمِينَ إِخْوَانَهُمْ عَلَى مَا أَخْبَرُوا أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ لَهُمْ عَلَيْهِمْ أَنَّهُمْ قَالُوا لَهُمْ : أَفَلاَ تَفْقَهُونَ أَيُّهَا الْقَوْمُ وَتَعْقِلُونَ أَنَّ إِخْبَارَكُمْ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا فِي كُتُبِكُمْ أَنَّهُ نَبِيٌّ مَبْعُوثٌ حُجَّةٌ لَهُمْ عَلَيْكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ يَحْتَجُّونَ بِهَا عَلَيْكُمْ ؟ أَيْ فَلاَ تَفْعَلُوا ذَلِكَ، وَلاَ تَقُولُوا لَهُمْ مِثْلَ مَا قُلْتُمْ، وَلاَ تُخْبِرُوهُمْ بِمِثْلِ مَا أَخْبَرْتُمُوهُمْ بِهِ مِنْ ذَلِكَ. فَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ :﴿أَوَلاَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ﴾.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿أَوَلاَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ﴾.
يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ :﴿أَوَلاَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ﴾ أَوَلاَ يَعْلَمُ هَؤُلاَءِ اللاَّئِمُونَ مِنَ الْيَهُودِ إِخْوَانَهُمْ مِنْ أَهْلِ مِلِّتِهِمْ، عَلَى كَوْنِهِمْ إِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا، وَعَلَى إِخْبَارِهِمُ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا فِي كُتُبهِمْ مِنْ نَعْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَبْعَثِهِ، الْقَائِلُونَ لَهُمْ :﴿أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ﴾ أَنَّ اللَّهَ عَالِمٌ بِمَا يُسِرُّونَ فَيُخْفُونَهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ فِي خَلاَئِهِمْ مِنْ كُفْرِهِمْ وَتَلاَوُمِهِمْ بَيْنَهُمْ عَلَى إِظْهَارِهِمْ مَا أَظْهَرُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ بِهِ مِنَ الإِقْرَارِ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلَى قِيلِهِمْ لَهُمْ آمَنَّا، @