وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ :﴿بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ﴾ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ، يَقُولُ : فَعَلْنَا الذى فعلنا بِهِمْ مِنْ إِحْلاَلِ الذُّلِّ وَالْمَسْكَنَةِ وَالسَّخَطِ بِهِمْ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ، وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ، كَمَا قَالَ أَعْشَى بَنِي ثَعْلَبَةَ :.
مَلِيكِيَّةٌ جَاوَرَتْ بِالْحِجَا | زِ قَوْمًا عُدَاةً وَأَرْضًا شَطِيرَا. |
بِمَا قَدْ تَرَبَّعَ رَوْضُ الْقَطَا | وَرَوْضُ التَّنَاضُبِ حَتَّى تَصِيرَا |
فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ :﴿وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ﴾ يَقُولُ : كَانَ ذَلِكَ مِنَّا من أجل كُفْرِهِمْ بِآيَاتِنَا، وَجَزَاءً لَهُمْ بِقَتْلِهِمْ أَنْبِيَاءَنَا.
وَقَدْ بَيَّنَّا فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابِنَا أَنَّ مَعْنَى الْكُفْرِ : تَغْطِيَةُ الشَّيْءِ وَسَتْرُهُ، وَأَنَّ آيَاتِ اللَّهِ : حُجَجُهُ وَأَعْلاَمُهُ وَأَدِلَّتُهُ عَلَى تَوْحِيدِهِ وَصِدْقِ رُسُلِهِ.