وَالاِعْتِدَاءُ : تَجَاوُزُ الْحَدِّ الَّذِي حَدَّهُ اللَّهُ لِعِبَادِهِ إِلَى غَيْرِهِ، وَكُلُّ مُتَجَاوِزٍ حَدَّ شَيْءٍ إِلَى غَيْرِهِ فَقَدْ تَعَدَّاهُ إِلَى مَا جَاوَزَ إِلَيْهِ وَمَعْنَى الْكَلاَمِ : فَعَلْتُ بِهِمْ مَا فَعَلْتُ مِنْ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا أَمْرِي، وَتَجَاوَزُوا حَدِّي إِلَى مَا نَهَيْتُهُمْ عَنْهُ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا﴾.
أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَهُمُ الْمُصَدِّقُونَ رَسُولَ اللَّهِ فِيمَا أَتَاهُمْ بِهِ مِنَ الْحَقِّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَإِيمَانُهُمْ بِذَلِكَ : تَصْدِيقُهُمْ بِهِ عَلَى مَا قَدْ بَيَّنَّاهُ فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابِنَا هَذَا.
وَأَمَّا الَّذِينَ هَادُوا، فَهُمُ الْيَهُودُ، وَمَعْنَى هَادُوا : تَابُوا، يُقَالُ مِنْهُ : هَادَ الْقَوْمُ يَهُودُونَ هَوْدًا وَهَيادَةً. وَقِيلَ : إِنَّمَا سُمِّيَتِ الْيَهُودُ يَهُودَ مِنْ أَجْلِ قَوْلِهِمْ :﴿إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ﴾.
١٠٩٧- حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ : حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ : إِنَّمَا سُمِّيَتِ الْيَهُودُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ قَالُوا :﴿إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ﴾.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿وَالنَّصَارَى﴾.
وَالنَّصَارَى جَمْعٌ، وَاحِدُهُمْ نَصْرَانْ، كَمَا وَاحِدُ سُكَارَى سَكْرَانُ، وَوَاحِدُ النَّشَاوَى نَشْوَانُ. وَكَذَلِكَ جَمْعُ كُلِّ نَعْتٍ كَانَ وَاحِدُهُ عَلَى فَعْلاَنَ، فَإِنَّ جَمْعَهُ عَلَى فُعَالَى ؛ إِلاَّ أَنَّ الْمُسْتَفِيضَ مِنْ كَلاَمِ الْعَرَبِ فِي وَاحِدِ النَّصَارَى نَصْرَانِيٌّ. وَقَدْ حُكِيَ عَنْهُمْ سَمَاعًا نَصْرَانُ بِطَرْحِ الْيَاءِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ :.
تَرَاهُ إِذَا دارَ الْعَشِيُّ مُحَنِّفًا | وَيُضْحِي لَدَيْهِ وَهُوَ نَصْرَانُ شَامِسُ@ |