يَعْنِي بِقَوْلِهِ :﴿فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ فَلَهُمْ ثَوَابُ عَمَلِهِمُ الصَّالِحِ عِنْدَ رَبِّهِمْ.
فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ : فَأَيْنَ تَمَامُ قَوْلِهِ :﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ﴾ قِيلَ : تَمَامُهُ جُمْلَةُ قَوْلِهِ :﴿مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ﴾ لِأَنَّ مَعْنَاهُ : مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَتَرَكَ ذِكْرَ مِنْهُمْ لِدَلاَلَةِ الْكَلاَمِ عَلَيْهِ اسْتِغْنَاءً بِمَا ذَكَرَ عَمَّا تَرَكَ ذِكْرَهُ.
فَإِنْ قَالَ : وَمَا مَعْنَى هَذَا الْكَلاَمِ ؟
قِيلَ : إِنَّ مَعْنَاهُ : إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ يُؤْمِنُ منهم بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ.
فَإِنْ قَالَ : وَكَيْفَ يُؤْمِنُ الْمُؤْمِنُ ؟
قِيلَ : لَيْسَ الْمَعْنَى فِي الْمُؤْمِنِ الْمَعْنَى الَّذِي ظَنَنْتَهُ مِنَ انْتِقَالٍ مِنْ دِينٍ إِلَى دِينٍ كَانْتِقَالِ الْيَهُودِ وَالنَّصْرَانِيِّ إِلَى الإِيمَانِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ قِيلَ إِنَّ الَّذِينَ عُنُوا بِذَلِكَ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ عَلَى إِيمَانِهِ بِعِيسَى، وَبِمَا جَاءَ بِهِ، حَتَّى أَدْرَكَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَآمَنَ بِهِ وَصَدَّقَهُ، فَقِيلَ لِأُولَئِكَ الَّذِينَ كَانُوا مُؤْمِنِينَ بِعِيسَى وَبِمَا جَاءَ بِهِ إِذْ أَدْرَكُوا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : آمِنُوا بِمُحَمَّدٍ وَبِمَا جَاءَ بِهِ، وَلَكِنْ مَعْنَى إِيمَانِ الْمُؤْمِنِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ثَبَاتُهُ عَلَى إِيمَانِهِ وَتَرْكُهُ تَبْدِيلَهُ.


الصفحة التالية
Icon