الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا﴾.
اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ الْهَاءِ وَالأَلِفِ فِي قَوْلِهِ :﴿فَجَعَلْنَاهَا﴾ وَعَلاَمَ هِيَ عَائِدَةٌ، فَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِيهَا قَوْلاَنِ.
أَحَدُهُمَا مَا ؛
١١٥٨- حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ : حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ : حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ :﴿فَجَعَلْنَاهَا﴾ فَجَعَلْنَا تِلْكَ الْعُقُوبَةَ وَهِيَ الْمَسْخَةَ نَكَالاً.
فَالْهَاءُ وَالأَلِفُ مِنْ قَوْلِهِ :﴿فَجَعَلْنَاهَا﴾ عَلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا كِنَايَةٌ عَنِ الْمَسْخَةِ، وَهِيَ فَعْلَةٌ مِنْ مَسَخَهُمُ اللَّهُ مَسْخَةً.
فَمَعْنَى الْكَلاَمِ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ :﴿فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ﴾ فَصَارُوا قِرَدَةً مَمْسُوخِينَ ﴿فَجَعَلْنَاهَا﴾ فَجَعَلْنَا عُقُوبَتَنَا وَمَسْخَنَا إِيَّاهُمْ ﴿نَكَالاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ﴾.
١١٥٩- وَالْقَوْلُ الآخَرُ مِنْ قَوْلَيِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَا حَدَّثَنِي بِهِ، مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ : حَدَّثَنِي عَمِّي، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ :﴿فَجَعَلْنَاهَا﴾ يَعْنِي الْحِيتَانَ.
وَالْهَاءُ وَالأَلِفُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ مِنْ ذِكْرِ الْحِيتَانِ، وَلَمْ يَجْرِ لَهَا ذِكْرٌ. وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ فِي الْخَبَرِ دَلاَلَةٌ كَنَّى عَنْ ذِكْرِهَا، وَالدَّلاَلَةُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ :﴿وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ﴾.