فَإِنْ ظَنَّ ظَانٌّ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَرَى لِلْحِيتَانِ ذِكْرٌ، لِأَنَّ الْعَرَبَ قَدْ تُكَنِّي عَنِ الاِسْمِ وَلَمْ يَجْرِ لَهُ ذِكْرٌ، فَإِنَّ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ، فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُتْرَكَ الْمَفْهُومُ مِنْ ظَاهِرِ الْكِتَابِ وَالْمَعْقُولُ بِهِ ظَاهِرٌ فِي الْخِطَابِ وَالتَّنْزِيلِ إِلَى بَاطِنٍ لاَ دَلاَلَةَ عَلَيْهِ مِنْ ظَاهِرِ التَّنْزِيلِ وَلاَ خَبَرَ عَنِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْقُولٌ وَلاَ فِيهِ مِنَ الْحُجَّةِ إِجْمَاعٌ مُسْتَفِيضٌ.
وَأَمَّا تَأْوِيلُ مَنْ تَأَوَّلَ ذَلِكَ : لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا مِنَ الْقُرَى وَمَا خَلْفَهَا، فَيَنْظُرُ إِلَى تَأْوِيلِ مَنْ تَأَوَّلَ ذَلِكَ بِمَا بَيْنَ يَدَيِ الْحِيتَانِ وَمَا خَلْفَهَا.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿وَمَوْعِظَةً﴾.
وَالْمَوْعِظَةُ مَصْدَرٌ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ : وَعَظْتُ الرَّجُلَ أَعِظُهُ وَعْظًا وَمَوْعِظَةً : إِذَا ذَكَرْتُهُ
فَتَأْوِيلُ الآيَةِ : فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا، وَتَذْكِرَةً لِلْمُتَّقِينَ، لِيَتَّعِظُوا بِهَا، وَيَعْتَبِرُوا، وَيَتَذَكَّرُوا بِهَا.
١١٧٢- كَمَا حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ : حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ : حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ :﴿وَمَوْعِظَةً﴾ يَقُولُ : وَتَذْكِرَةً وَعِبْرَةً لِلْمُتَّقِينَ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿لِلْمُتَّقِينَ﴾.
وَأَمَّا الْمُتَّقُونَ فَهُمُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِأَدَاءِ فَرَائِضِهِ وَاجْتِنَابِ مَعَاصِيهِ.